أعرف أن عنوان هذا المقال سوف
يثير غضب الكثير من موظفي الحكومة لا سيما من لهم علاقة مباشرة بخدمة الجمهور، فواقع
الحال المعاش على الارض يقول أن الكثير من
موظفي المؤسسات الحكومية الخدمية " يتفنن" في ممارسة صلاحياته الممنوحة
له على المراجع البسيط الذي لا يملك إلا أن يقول " إنشاء الله، اذا كان
القانون يقول ذلك".
لا أرغب في استخدم كلمة أن "الموظف الحكومي يتفنن في إذلال
المراجع" بشتى الطرق التي يوجد لنفسه فيها ثغرات قانونية والتي لا يوجد،
وإنما هو يفتي بذلك من تلقاء نفسه، فقط ليرضي غرورا داخليا بأنه صاحب سلطة ويجب أن
يمارسها على المراجعين.
كثيرة هي الامثلة التي أسمعها من أصدقاء عن ممارسات لموظف متغطرس لم
يقابلهم بابتسامة أو ينظر اليهم وجها لوجه أو يستمع الى مطالبهم أو يبادلهم أطراف الحديث
أو حاول التسهيل عليهم في بعض الامور أو سمعوا منه كلاما حلوا عذبا، بل إن العكس
هو ما يحصل دائما فهو إما أن يكون منشغلا طوال وقته بهاتفه النقال أو يرد على
رسالة قصيرة أو يتأفف من كثرة المراجعين أو يتحدث بضيق عن حال مؤسسته وحاله التي
هو عليها، أو أن الملل قد نخر عظمه من رتابة ما يقوم به كل يوم فهو وكما يقول
المثل " ما له بارض" في أسئلة المراجعين واستفساراتهم ومعاملاتهم.
مثل هؤلا يرفضون التغيير، ويرفضون مجاراة التقنيات الحديثة التي جاءت
لخدمتهم والترويح عنهم، يرفضون الدعوات الموجهة لتبسيط الاجراءات وتسهيلها على
المراجعين، بدعاوى كثيرة أبسطها أن استخدام التقنيات الحديثة في انجاز وتخليص
معاملات المراجعين بحاجة الى جهد أكبر من الجهد الذي يستغرقه حضور المراجع بشخصه
الى مقر عمل ذلك الموظف.
بيننا وبين تبسيط الاجراءات في المعاملات الحكومية بون شاسع. الخطوات
المتخذة في هذا الخصوص لا تزال تحبو وتراوح مكانها، تتحرك قليلا وتقف كثيرا، ويقف
وراء ذلك كله نوع من هؤلا الموظفين الذين يحاربون تبسيط هذه الاجراءات ويتلذذون في
إبقاء تلك المعاملات بنظامها التقليدي.
من الملام في وجود مثل هؤلا في مؤسسات الدولة؟
قد تشير الاصبع الاولى في تلك الملامة وكما جرت عادتنا في القاء اللوم أن
نحمله لرب العمل لا الموظف الممارس لذلك العمل. وقد يكون في هذا جزء ولو بسيط من
الصحة، فلو أشرف كل رب عمل الى ما يقدمه موظفه من خدمة لمراجع لوقف على جوانب
القصور في تلك الخدمات ولعرف مواطن الخلل في ذلك الموظف. ولو حرص رب العمل على
اشراك موظفيه في دورات فنون التعامل مع الجمهور لعرف ذلك الموظف قيمة المراجع
والخدمات التي تقدم له.
الاصبع الاخرى تدين الموظف ذاته، فهو إن لم يكن أهلا للترحيب بضيوف مؤسسته
فالأفضل له التنحي عن ذلك وإيكاله لغيره، ولكن دائما ما يتشبث مثل هؤلا الموظفين
بتلك المناصب لان البعض منهم " يستنفع منها".
تعليقات