كنت قد قدمت لوزيرة التربية والتعليم عبر صفحتي الشخصية على الفيسبوك دعوة لركوب إحدى الحافلات المدرسية التي تقل طلابنا لدى عودتهم من المدرسة في الساعة الثانية ظهرا، لتقف وتتعرف على درجة الحرارة الملتهبة داخل تلك الحافلات الغير مكيفة أصلا والمنتهية مدة صلاحيتها في السير في الشوارع علاوة على أن مكتنزة بأجسام الطلبة منهم الواقف ومنهم الجالس والتي بالطبع لا يراعى فيها أبسط قواعد السلامة المرورية.
كنت قبل هذه الدعوة والتي من المؤكد أنها لم تصل لمعالي الوزيرة، قد ذهبت للقاء أحد المسؤولين في إحدى بلديات محافظة مسقط لايجاد إجابة على بعض التساؤلات في المنطقة التي أقطن فيها، من ضمنها تكملة أحد الشوارع الرئيسية، فكانت الاجابة التي خرجت بها من هذا المسؤول بأنه سوف يرد علي لاحقا فيما سألت عنه.
خلاصة ما أردت الوصول اليه، من أن جُلً المسؤولين ممن تولوا مناصب عليا في هذه البلاد هم يعرفون كل شىء فيما يتعلق بأداء مؤسساتهم ولكن فقط على الورق، أو كما يروى لهم من الادارات التي لديهم، ولم يكلف الكثير منهم عناء الوقوف بنفسه ومتابعة ما أوكل اليه من عمل أو أن يقوم بنفسه بتجربة تلك الخدمة المقدمة الى المواطن بنفسه ليحكم عليها إن كانت بالفعل مرضية أم غير مرضية.
إحدى التعليقات التي وردت على الدعوة سالفة الذكر، كانت تشير الى أنه هل من المطلوب من الوزير أو من على شاكلته أن يقوم بكل شىء، أو أن يجرب كل شىء؟ فماذا يفعل اذا من تحته من موظفين ان كان هو يقوم بكل شىء . فجاءت الاجابة بأنه وللاسف بأن الوضع الاداري لدينا في كثير من المؤسسات الحكومية لا يعطي الصلاحية الا لذلك المسؤول فقط، وما يأمر به هو ما يتم تنفيذه وما لا يأمر أو لا ينتبه له فهذا أمر متروك الى أن يتم الامر فيه.
لهذا السبب نجد أن كل شىء يصب في مكتب ذلك المسؤول ولهذا السبب أيضا نراه غارقا في عمله من الصباح الباكر وحتى حلول الليل مقلبا للاوراق وباحثا عن الحلول وموجها للموظفين بعمل كذا وكذا. وكان الله في عون مثل هؤلا المسؤولين الذين لا يجدون وقتا حتى لرعاية فعالية أو حضور ندوة دعي اليها فما بالك بالوقوف على احتياجات الناس ومطالبهم.
دعونا نرجع الى الوراء قليلا في بدايات تأسيس هذه البلاد التي تشهد اليوم وبحمد من الله تطور عمراني وبشري كبير، كان قائدها يقوم بنفسه في كل عام وحتى اليوم بجولات ميدانية في كل ربوعها شرقها وغربها للوقوف على احتياجات المواطن وملامسة همومه ومعاناته، ولم يكتف فقط بما يرفع اليه من تقارير أو موضوعات، بل كان يتابع بنفسه ما ينفذ على الارض رغما عن مشاغله الكثيرة من أمور ادارة الدولة.
لو أن كل مسؤول في بلادنا خصص يوما واحدا فقط في الاسبوع لترك مكتبه والتجول بسيارته في أنحاء هذه البلاد الواسعة ووقف بنفسه على ما تقدمه جهة عمله من خدمات لهذا المواطن، لوقف على كثير من مواطن الخلل ولعرف بنفسه قبل أن يصل المواطن اليه مشتكيا لحل لتلك المشكلة.
صدق رسولنا الكريم عندما قال " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فهل يراع المسؤول منا رعيته قبل أن يسأله الناس ورب الناس يوم لا ينفع مال ولا بنون؟.
تعليقات