التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هاكونا ماتاتا






           انتشرت هذه الكلمة بين فئات المجتمع العربي وبصفة خاصة فئة الاطفال والشباب للتقليل من شأن أي أمر قد يصادفك في الحياة فبمجرد أن تقول هذه الكلمة السحرية تشعر وكأن ما استعصى عليك أصبح سهلا يسيرا وأن الدنيا باتت كلها وراء ظهرك.


عندما قمت بالبحث في معنى هذه الكلمة في شبكة الانترنيت وجدت الكثير من المواقع التي تتحدث عن معناها ووجدت كذلك الكثير من المواقع التي انقسمت ما بين التحذير والترغيب في هذا المصطلح الجديد، فهنالك من أعجبه هذا التعبير وصار يعتمده كفلسفة في حياته بأن كل شىء في الحياة يمكن أن يكون " هاكونا ماتاتا" أي كل شىء سهل ويسير فقط ويعتمد على مدى تقبلك أنت كشخص لاي موضوع قد يطرأ عليك في الحياة، فمثلا لو صادفتك مشكلة ما في حياتك اليومية فما عليك الا أن تنسى المشكلة برمتها وتحاول البحث عن الحلول وتقول " لا توجد مشكلة" وهذه الفلسفة هي ما ينادي بها الدارسون للتنمية البشرية وتطوير الذات الذين يذهبون الى أن الفرد بذاته يمكن أن يحل مشاكله بنفسه.


هنالك فريق آخر رأى بأن " هاكونا ماتاتا" هذه هي فلسفة تقوم على تدمير كل القيم والعادات والتقاليد بحيث أن كل ما في الحياة من قيم يصبح عند الناس لا يساوي شيئا، فالناس يستهينون بكل شىء في الحياة ابتداء من حياتهم الشخصية مرورا بحياة المجتمع من حولهم وانتهاء بتاريخهم وعاداتهم التي تصبح لا قيمة لها عند هذه الفئة من الناس لا سيما فئة الشباب وصغار السن الذين توجه اليهم هذه الرسائل.


من ذهب الى هذا المنحى قال بأن قصة الفيلم تعلم جيل الاطفال والشباب وحتى الكبار منهم قيم الاستهتار والتغاضي عن الكثير من الامور المهمة في الحياة والانسياق وراء توافه الامور والرضى بالقليل بأن كل ما تحصل عليه هو يكفيك وانه لا توجد لديك مشكلة في قبول أي شىء حتى وان كان قليلا أو حتى وان كان بقايا الاخرين كما في الفيلم.


نحن بحاجة في حياتنا الى قول هذه الكلمة في بعض الاحيان وتبسيط الامور وعدم اللجوء الى التعقيد ولكن في نفس الوقت يجب الانتباه الى أنه ليس كل موقف في الحياة يمكن أن يكون "هاكونا ماتاتا".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...