يبدو أن العرب هذه المرة لن يرفعوا رأسهم عاليا ويتفاخرون فيما بينهم بجائزة نوبل للسلام التي فازت بها اليمنية توكل كرمان وتقاسمتها مع امرأتين اخريين هما رئيسة ليبيريا إلين جونسون سيرليف، ومواطنتها ليما جبوويس. ولا أعمم خيبة الامل العربية من نوبل على كل العرب بل ما عنيته هم بعض من العرب اللذين يرون في الربيع العربي تخريب للانظمة الحاكمة وخروج عن طاعة ولي الامر.
كثيرون هم من أبدوا امتعاضهم من فوز امرأة عربية بنوبل للسلام قائلين بأن اللجنة التي منحت الجائزة قد شاخت وضعف بصرها وضلت الطريق الصحيح والا كيف يمكن أن تمنح جائزة بهذه السمعة العالمية لفتاة لم تتجاوز الثانية والثلاثون من عمرها ولم تقدم شيئا للسلام ولا لأهله بل على العكس فهي تشجع على المواجهة بأسلوبها الاستفزازي والمتسلط الذي يدعوا الى التغيير والاصلاح والاطاحة بالنظام الحاكم في بلد لا تتمتع فيه المرأة بحقوق كثيرة عدا عن كونها امرأة خلقت فقط للرجل ولبيتها.
نوبل هذه المرة مختلفة في الطعم والنكهة ، طعمها مر بمرارة الثورات العربية المناضلة لاحقاق الحق والحياة الكريمة للشعوب المقهورة التي لم تكن تملك حولا ولا قوة في قول كلمة لا، وهي أيضا مختلفة في النكهة فنكهة المرأة العربية لم نعرفها الا في مجالس النساء المتحلقات على فنجان قهوة أو النساء اللاتي لا يشغلن تفكيرهن سوى لباس أنيق وعلبة ماكياج وزجاجة عطر وحديثهن يدور عن آخر ما أفرزته مصانع الموضة وان بلغت الجرأة ببعضهن فان الحديث يدور حول حقوق المرأة العربية التي سلبها اياها الرجل.
نوبل هذه المرة اختلفت في طعمها ونكتها، ولا أبالغ في القول بأن توكل كرمان كانت سببا في ازالة مرارة طعم الثورات العربية، فمشهد احتفال اليمينيين في يوم الجمعة بفوز بلادهم وثورتهم وبنتهم بنوبل للسلام يزيل طعم المرارة التي يخلفها النظام الحاكم في كل جمعة بقبور جماعية تحفر للاطفال والنساء والرجال ممن قال كلمة "كفى"، ومشهد هذه الجمعة اختلف كثيرا من الحزن والسواد ومرارة الطعم في حلوق اليمنيين الى طعم السكر الذي شهد اعترافا دوليا بشرعية ثورتهم السلمية.
نوبل هذه المرة مختلفة في النكهة ايضا فمشهد الفتاة العربية المحجبة بملابسها المحتشمة والمتواضعة التي تخلو من أي زينة وتبرج اللهم الا من لحاف رخيص وعباءة سوداء، هو لباس المرأة العربية المناضلة في سبيل انتزاع حقوق وطنها وخيراته المسلوبة التي خرجت من بيت صغير في حارة شعبية تطالب بحق شعبها في عيش كريم.
اعترف لكم بأن فوز توكل كرمان بنوبل للسلام هزني كثيرا فنحن لم نسمع في يوم من الايام بأن جائزة عالمية منحت لفتاة فقيرة، كل ما كنا نسمعه ونقرأه بأن الفائزين هم إما من طبقة الرؤساء الاغنياء أو من المثقين الادباء وربما فتح هذا الفوز الباب كما قال أحد اليمنيين متندرا " نخشى أن الغرب يرغب في أن تكون توكل كرمان هي الرئيسة القادمة لليمن وهذا ما نخشاه". طبعا الخشية نابعة من حكم امرأة لمجتمع ذكوري بحت وهي التي لم تحكم بيتها قبل أن تحكم بلدها.
تعليقات