التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قتل .. للتسلية


"ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" النساء الآية 93.



 
جندي أمريكي يروي قصة قتله لفتى أفغاني يقول فيها لقاضي التحقيق "طلبت من الفتى الأفغاني الاقتراب مني، وعندما أصبح على بعد خمسة أمتار مني ألقيت عليه قنبلة يدوية وأطلقت بعدها النار عليه ".


اعتراف الجندي الأمريكي بقتله للفتى الأفغاني بقصد التسلية والترفيه فقط ليس هو الأول وإنما سبقه اعتراف جنديين أمريكيين آخرين يعملان في أفغانستان بقتلهما أفغانا بقصد التسلية والترفيه فقط، وليس بداع الحفاظ على الأمن والاستقرار أو بداع الدفاع عن النفس أو أي سبب آخر.


إلى هذا الحد وصل الاستهتار بالنفس البشرية التي خلقها الله عز وجل ولم تعد النفس مصانة ولا تتمتع بالحماية في ظل قوانين الاحتلال التي تبيح للمحتل أن يفعل ما يشاء بمن يحتله حتى وان كان يتسلى بذبح رقاب الناس، فالقوانين والأعراف العسكرية تبيح له فعل ما يريده في مقابل تكريس الاحتلال ونهب الخيرات.


في حديث يروى عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام " أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، لا هي أطلقتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض"، قال بعض المفسرون أن هذه المرأة أدخلها الله النار في حبسها لهرة داخل غرفة ومنعها من الخروج ومنعها من الحصول على الأكل ، فهي لم تقتلها بعد ولم تعذبها ولم تمارس عليها شتى أصناف العذاب وإنما اكتفت فقط بحبسها، فما بالك بمن يحبس نفسا بشرية خلقها الله تعالى سواء أكانت مؤمنة أو غير مؤمنة بل ويعذبها ويذيقها أصناف العذاب وقد يصل أمر هذه الفئة إلى قتل هذه النفس بغير حق ويعتبر أن قتل الناس وتعذيبهم أمر عادي في مقابل وصوله إلى ما يريد هو من أمر الدنيا، وقياسا على هذا الحديث والآية السابقة فان مصير من يقتل نفسا بشرية فانه سيجازى يوم القيامة بنار جهنم خالدا مخلدا فيها.


في كل يوم تشرق عليه الشمس نسمع في منطقتنا العربية التي تشهد احتجاجا على أنظمة الحكم فيها نسمع بمقتل العشرات من الأبرياء العزل من السلاح بأيدي قناصة وبيد القوة العسكرية التي لا تتورع ولا يطرف لها جفن في قتل متظاهر بريء سواء أكان طفلا أم شيخا رجلا أم امرأة حمل لافتة يطالب فيها حاملها بحق من حقوقه قد يكون محقا في طلبه وقد لا يكون ولكن الآلة العسكرية لا تعرف المطالب بالحق من غيره فتجرف ورائها كل من رفع لافتة أكان بريئا أم مدانا.


ندعو الله تعالى أن يحفظ أوطاننا من كل شر وأن يحفظ نفوسنا من كل مكروه وأن يعي كل فرد في وطننا العربي الكبير أن العنف لا يولد إلا عنفا وان القتل لا يمكن أن يغتفر مهما كانت الأسباب وندعو الله أن لا نصل في يوم من الأيام إلى ما وصل إليه الجندي الأمريكي من استهتار بقتله طفلا مسلما بداعي التسلية والترفية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...