الازمة السياسية – إن جاز لي وصفها بهذا- والتي هبت على بلادنا هي وقبل كل شىء لا بد أن نؤمن بأنها خير لنا ولبلادنا وهي مقدرة من عند مقدر الاشياء الذي يقول " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"، وهي وكما قلت لبعض المقربين بأنها رسائل إلهية يسوقها لنا الله كي نفيق من غفلتنا وننتبه الى أنفسنا لاننا وفي رأي الشخصي تمادينا كثيرا في انتهاك ما نهانا الله عنه.
لا أطيل عليكم بكل هذه الفلسفة، فما أردت الوصول اليه أن الازمة السياسية التي هبت علينا كشفت عن وجود هوة وقد تكون هذه الهوة كبيرة بين الحكومة والشعب، فالحكومة كانت ومع وجود القوانين الرادعة والتشريعات الصارمة في أجهزتها الا أن هذه القوانين والتشريعات كانت محفوظة في الثلاجة ومجمدة برغبة من بعض من يعنيهم أمر هذه القوانين، فباتت كثير من أمور الشعب والتي يفترض بالحكومة أن تكون الحارس عليها وتصونها، باتت مشرعة وأضحت الحكومة تعمل بالقانون الذي تريد وتترك القانون الذي لا تريد، تعطل التشريع الذي تريد وتفًعل التشريع الذي تريد.
ومع استمرار الحكومة في عدم مراقبة نفسها بنفسها بسبب غياب سلطات أو جهات رقابة فاعلة سواء من الجهات التشريعية أو الجهات التنفيذية أو الجهات الرقابية أو حتى من جهات المجتمع المدني نفسه، أصبح المواطن ضائعا امام الحكومة يتردد على مكاتبها وأقسامها بدون أن يجني أي فائدة تذكر ولا يسمع الا التسويف والوعيد وتعمل الحكومة ما تراه هي بأنه في مصلحة الوطن والمواطن.
كما قلت سلفا نتج عن هذا هوة واسعة بين المواطن والحكومة تمثلت صورتها في الاعتصامات التي عمت البلاد بأسرها الكل يطالب بحقه من الحكومة والكل يقف على أبوابها يريد أخذ حقه – كما يقول الشعب- والجميع مجمع على مقوله بأن الاصلاح لا بد أن يبدأ من الحكومة وينتهي بها.
يثار هنا تساؤل حقيقي هو هل هنالك رقابة حقيقية على الحكومة نفسها؟ سواء من مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات الاهلية والنقابات والمجالس البلدية وغيرها من مؤسسات هذا المجتمع؟ وفوق هذا كله هل تراقب المؤسسات التشريعية مثل مجلسي الشورى والدولة أداء الحكومة؟ وهل أيضا تقوم الجهات الرقابية في الحكومة نفسها بمراقبة أداء الحكومة؟ قد تأتي الاجابة قريبا على هذه التساؤلات بعدما تنتهي اللجنة الفنية التي تشكلت بأمر سلطاني لوضع مشروع تعديل للنظام الاساسي للدولة وبعد الصلاحيات التشريعية والرقابية الممنوحة لمجلس عمان.
ولكن، هل يعتبر ما سبق كافيا لتقييم أداء الحكومة ومراقبتها؟ أم أننا بحاجة إلى أكثر من ذلك وكما يذهب البعض من أننا بحاجة الى أحزاب " معارضة" وأضعها بين قوسين لمحاسبة الحكومة؟ أم أننا بحاجة الى "حكومة ظل" كما تفعل بعض الانظمة الغير عربية طبعا لتقييم أداء الحكومة فيكون لكل وزير في الحكومة مقابل له وزير ظل يراقب ما تقوم به الحكومة وما يقوم به وزير تلك الوزارة ويتم محاسبته؟ أم أننا بحاجة الى مزيد من الحرية لمؤسسات المجتمع المدني ولوسائل الاعلام لطرح الكثير من التساؤلات عن أداء الحكومة؟
كثير ممن يقرأون هذه السطور سيقولون قبل اتمامها " هذا الكاتب شكله يحلم" نحن لنا تجربتنا الخاصة بنا كعمان ولا نطبق ما يطبقه الاخرون. وقد يكون هذا الكلام صحيحا جدا ولكن تبقى أنظمة الحكم على هذه الارض التي خلقها الله للبشرية جممعاء متساوية وعلينا أن نحصن أنفسنا وبلادنا من أية أعاصير قادمة من بلاد بعيدة قد تخلف ورائها دمارا كبيرا.
تعليقات