اطلعت على عريضة المسيرة الخضراء التي تم رفعها الى المقام السامي من خلال ما تم نشره في المنتديات الالكترونية، وما استوقفني فيها مطالبة الشباب الرافعين لهذه الوثيقة باصلاح النظام التعليمي في السلطنة ويشمل هذا الاصلاح نظام التعليم العام والتعليم العالي. كما اطلعت في موضع آخر على ما قام ويقوم به المدرسون من مسيرات مطالبة ببعض التعديلات والتغييرات في النظام التعليمي ومطالبتهم في المقام الاول ببعض حقوقهم التي يرون أن وزارة التربية والتعليم لم تستطع توفيرها لهم.
توقفت عند هذه المطالب والمسيرات والاجتماعات التي عقدها وكلاء وزارة التربية مع المدرسين لمحاولة تصحيح أوضاع المعلم والمتعلم ونظام التعليم، وتسائلت هل فعلا نظام التعليم لدينا في السلطنة بحاجة الى اصلاح وبات لا يلبي احتياجات الطالب والمتعلم في عصر صارت الامم فيه تتسلح بالعلم والمعرفة في مواجهة ظروف الحياة وهل صار الكثير من أولياء الامور من أمثالي لا يثقون في نظام التعليم الحكومي ويرددون بضرورة طلب العلم ولو في المدارس الخاصة؟.
نحن أمة كانت تتفاخر بمجانية التعليم والصحة وخلوها من الضرائب التي يدفعها المواطن، ولكن يبدو أن حسدنا لأنفسنا قد جلب لنا بعض التعاسة فصرنا نتكبد دفع مبالغ كبيرة على التعليم والصحة بسبب أن التعليم الحكومي صار لا يشبع غرور أولياء الامور في الحصول على تعليم متميزلأبنائهم وباتت مناهج التعليم لا تواكب متطلبات العصر، وصار ولي الامر يرى أن مخرجات التعليم العام لا ترقى الى مستوى المسؤولية، حتى خريج المدرسة الحكومية وحامل الشهادة العامة لا يفقه الكثير مما يتعلمه وصار بحاجة الى فصول للتقوية في الجامعة حتى يستطيع أن يجاري مستوى الطالب الجامعي في التعليم.
ما رأيته من نماذج طلابية أنهت شهادة التعليم العام وهي حتى لا تستطيع القراءة الطلقة سواء باللغة العربية أو الانجليزية وغير ملمة بالكثير من المنهج الذي درسته على مدى اثنتى عشرة عام، جعلني امعن في التفكير كثيرا هل يا ترى مثل هذا الجيل وهذه المخرجات قادرة على بناء وطنها وأمتها والمساهمة في بنائها وتعميرها وتنميتها وتطويرها وهي غير قادرة على بناء نفسها وتنمية ذاتها، وهل الخلل الحاصل في المنظومة التعليمية مصدره وزارة التربية والتعليم أم المعلم ذاته أم الطلبة الدراسون أم أن الامر هو هكذا لطالما تعلق الامر بتعليم حكومي مجاني لا يدفع فيه المواطن قرشا واحدا، ويبقى لمن لم يعجبه نظام التعليم الحكومي اللجوء لطلب العلم للمدارس الخاصة التي تستورد مناهجها ومدرسيها من الخارج وتحرص على أن يشعر ولي الامر بأن ما يدفعه على إبنه وابنته سوف يعود عليهم بالنفع والعلم والفائدة.
نحن جيل خرج من مدارس التعليم الحكومي الذي كانت مناهجه مستوردة من الخارج، فجاءت قوية لا يزال الكثير منا يتذكرها الى اليوم، تبعها لاحقا مناهج عمانية محلية أو معمنة كانت تلبي احتياجات تلك المرحلة من التطور وبناء الدولة، ولكن مناهج اليوم كما يقول عنها من عاصرها بأنها لم تعد تلبي احتياجات العصر الحديث كما أن المدرس نفسه لم يكن كما كان المدرس في الماضي، فالكثير من المدرسين بحاجة الى دورات تدريبية في التعليم والشرح وايصال المعلومة للطالب. وبين المدرس والمنهج والمدرسة يبقى الطالب هو الخاسر الاول من نظام التعليم الحكومي.
يحق لوزارة التربية والتعليم بأن تفاخر بأنها استطاعت احداث تغيير في نظام التعليم في السلطنة منذ العام سبعين وحتى اليوم سواء بعدد المدارس التي انتشرت في كافة قرى ومدن الحبيبة عمان وادخال بعض الانظمة المساعدة في عملية التعليم وابتكار العديد من المسابقات التي تحاول أن تساعد الطالب على فهم البيئة المدرسية، ولكن يبقى السؤال هل سيبقى وضع التعليم لدينا كما هو عليه ويتكبد من لديه مبلغ اضافي تعليم ابنه أو ابنته في مدرسة خاصة ومن ثم لاحقا تعليمه في كلية جامعية أو جامعة خاصة ويبقى طوال حياته مرهونا بتوفير مستوى عال من التعليم لابنائه الذين هم أفضل استثمار في الحياة أم أن عريضة المسيرة الخضراء التي تم رفعها الى المقام السامي سوف تؤتي ثمارها ويبقى طلب العلم في المدرسة الحكومية أفضل من طلبه في المدرسة الخاصة.
تعليقات