التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وداعا للخصوصية







لنبدأ موضوعنا هذا بقصة طريفة تحكي بأن صاحب منزل تعرض منزله للسطو والاقتحام بسبب انه كتب على موقع من مواقع الانترنيت الاجتماعية بأنه خارج المنزل فقام لص كان يراقب حالته على الانترنيت باقتحام منزله وسرقته.


في عالم اليوم يسهل علينا معرفة أية معلومات عن أي شخص في العالم ووضعه وحالته وأصله وفصله ونسبه وكل خصوصياته ما دمنا نمتلك طريقا يوصلنا إلى شبكة الانترنيت فكل ما علينا القيام به هو الذهاب إلى مواقع البحث الالكترونية مثل جوجل وأخواتها أو البحث عنه في المواقع الاجتماعية كالفيس بوك أو تويتر وغيرها من الشبكات الاجتماعية أو المدونات الالكترونية وحتما سنجد كل البيانات والمعلومات والصور والكتابات بما يدلك على ذلك الشخص وشخصيته من دون الحاجة إلى سؤال أي شخص عنه أو الاستعانة بمخبر أو محقق خاص للتعرف عليه.


مع انتشار الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات الالكترونية والبريد المجاني، تهافت الناس على كتابة الكثير من تفاصيل حياتهم الشخصية ونشر صورهم على تلك المواقع والكثير من البيانات ذات الخصوصية الشديدة التي ربما لا يعرفها شريك الشخص المقرب إليه اعتقادا من هؤلا الناس بأن شبكة الانترنيت هي المكان الآمن الذي يستريحون فيه ويمكن لهم البوح بأسرارهم له، ولم يدروا بأن تلكم المواقع الالكترونية صارت مكانا ملائما لفضح سريتهم وخصوصيتهم حيث صارت الكثير من المعلومات التي يقدمها الفرد عن نفسه وهواياته واهتماماته وأصدقائه وصوره هي بمثابة الدليل الذي يقود كثير من الناس للتعرف عليه وبسهولة كبيرة وربما انتحال شخصيته في بعض الحالات.






لا ينطبق هذا القول على الأفراد فقط، حتى الحكومات نفسها اكتوت بهذا الداء فما كانت تعتقد بأنه مكان آمن لحفظ الوثائق والمعلومات السرية بات اليوم مكانا لفضح تلك السرية، وهو ما قام به موقع مثل ويكليكس من نشره لوثائق تصنف على أنها سرية للغاية ونشرها على الملاء وإزالة ختم السرية عنها.


الانترنيت ومواقعها ليست المتهم الوحيد في انتهاك الخصوصية وإطلاق رصاصة الرحمة عليها وحدها فقط، حتى الهواتف النقالة ووسائل الاتصال الحديثة ساهمت في إحكام طوق عدم الخصوصية وباتت رسائل الأفراد ومكالماتهم وتعاملاتهم عبر الهواتف النقالة متاحة للجميع ومعرضة للتجسس وبسهولة كبيرة من قبل جهات أخرى وهو ما حدث مع قضية الهاتف النقال " بلاك بيري" المتهم بتسريب بيانات معلومات عملائه وإمكانية التجسس عليهم بكل سهولة ويسر.


ليس من السهل العيش بدون انترنيت ووسائل الاتصال الحديثة ويبقى على الفرد منا توديع الخصوصية التي كان يتمتع بها في يوم من الأيام.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...