أعتذر لكل من امتهن الصحافة والصحفيين على عنواني هذا، فليس القصد بأنهم دائمو الكذب فيما ينشرون من أخبار، وأيضا لا ينطبق عليهم المثل الأصلي الذي اقتبست منه هذا العمود وهم " المنجمون" ولكن ما قصدته هنا أن بعضا من الصحفيين قد يقعون فريسة وتحت تضليل كثير من الناس لا سيما السياسيين منهم فينشرون أخبارا غير صحيحة تنسب إلى الصحفي نفسه فيتهم بالكذب فيما ينشر.
في عالمنا العربي الصحافة في وضع أسوأ من نظيرتها في الغرب من حيث الكذب والتدليس، حيث أننا نستقبل كل ما تلفظه لنا وكالات الأنباء العالمية الغربية من أخبار مضللة ونرددها نحن في وسائل إعلامنا وكأنها أمر صادق مئة بالمائة وكيف لا يكون صادقا وهو صادر من وكالة أنباء عالمية ومصدر موثوق به عالميا.
كيف لا نقع في الكذب ونحن ننشر ونذيع ونبث كل ما يتلى علينا من كل حدب وصوب ولا نكلف أنفسنا عناء البحث والتدقيق عن صحة وكذب وتدليس الأخبار.
لنقرب الصورة أكثر.. قبل الغزو الأمريكي للعراق بدأت الولايات المتحدة وحلفائها حملة استهدفت إقناع الصحفيين والإعلاميين أولا ومن بعدهم عامة الناس بأن العراق بات مصدرا لتصنيع الأسلحة النووية ويمثل خطرا حقيقيا على البشرية في حال استمر على حاله تلك، وبعد أن بدأت الصحافة والصحفيين في تكريس هذه الدعاية المضللة وتم تداولها في مشرق الدنيا ومغربها صدقها الناس واقتنع البعض منهم بالخطر القادم من العراق إن لم يتم وقفه، ليعطي كثير من القراء والمشاهدين والمستمعين الرئيس الأمريكي الضوء الأخضر لقصف بغداد.
وما حدث من أمر العراق وكذب الساسة ومن بعدهم الصحفيين يحدث اليوم وكل يوم في السودان وإيران وفلسطين وأفغانستان وكثير من بقاع الأرض التي وللأسف الشديد وقعت تحت تضليل آلة الاعلام التي رددت وتبنت ما تقوله السياسة.
قرأت مرة خبرا اقتصاديا محليا عن السلطنة نشر في إحدى الصحف المحلية ونسبته الصحيفة إلى وكالة أنباء عالمية تتخذ من لندن عاصمة لها، وأيا كانت صحة الخبر من عدمه فالصحفي ناشر الخبر لم يكلف نفسه وهو في بلده ووطنه ولديه مجموعة كبيرة من المصادر في دفتر عناوينه من التأكد من صحة الخبر من عدمه فقام بنشره كما ورده ونسبه إلى الوكالة التي بثته.
لنضرب مثالا آخرا على كذب صحافتنا أو دعوني أقول على كسل صحافتنا الذي وللأسف يقود في كثير من الأحيان الى الكذب على الجمهور. ما تمليه المؤسسات على الصحفي في كل يوم من أخبار وتحقيقات ومقالات وأعمدة عن إنجازاتها التي تقوم بها – إن صحت تسميتها بالانجازات- ولا يملك الصحفي عندنا سوى النشر أو البث لان الخبر آت من جهة موثوقة ولا داعي للتأكد من صحة ما قيل فيه، فيقع الصحفي بذلك في خانة الكذب على الجمهورونشر أخبار ربما الكثير منها لا يجافيه الصواب.
أنا هنا لست في صف واقف ضد الصحفيين فهم السلطة الخامسة التي تمتلك الكثير من وسائل الإقناع والتأثير، ولكني أطالب بامتهان وحرفية أكثر للعمل الذي تقوم به الصحافة، وهنالك قول شائع يقول " من لا يحترم جمهوره لا يحترم مهنته".
أتمنى أن يشرق علينا يوم لا يعلق فيه كثير من الناس على ما ينشر في صحفنا بقولهم " ترااه كلام جرايد".
تعليقات