
لا يندرج في مقالي هذا فقط الطلاق المتعارف عليه بين بني البشر وهو طلاق الرجل لزوجته أو طلب المرأة الطلاق من زوجها فهذا كثير الحدوث ونسمع عنه كل ساعة، ولكن ما عنيته بالطلاق هنا وكما ورد في لسان العرب بأن الطلاق يعني التخلية والإرسال، فأنت تتخلى وترسل وتطلق كل ما لا يتناسب مع هواك ومزاجك وكل ما خالفك في الرأي والصواب سواء أكان هذا الشيء زوجة أو وظيفة أو جهاز أو متاع خاص فكل ما تملكه ولا يتناسب مع ميولك فيوجب عليه الطلاق.
ومن هذا المنطلق نجد أننا نطلق أشياء كثيرة في حياتنا كل يوم فمرة نطلق صديقا ومرة نطلق وظيفة ومرة أخرى نطلق جهاز التلفزيون وجهاز النقال وفي أحيان ضيقة جدا نطلق شريكة الحياة.
قد نملك سرعة اتخاذ قرار الطلاق كما هو الحال في تطليق بعض الأشياء من حولنا، ولكننا لا نجد هذه السرعة في اتخاذ بعض قرارات الطلاق كما هو الحال في طلاق شريك العمر لأنه وكما يقال العشرة لا تهون إلا على الإنسان الهين، ومن يفكر في التخلي عن شريك عمره كما يتخلى وبكل بساطة عن جهازه النقال أو سيارته أو حتى وظيفته فإنه يصبح إنسانا غير مأمون الجانب وغير موثوق لأنه وبكل بساطة قد يفكر في طلاق كل الأشياء من حوله.
أصبح هذا المصطلح "الطلاق" شائعا ومستخدما في كل المحافل ويعبر عنه في كل الصيغ والعبارات فنسمع عن الطلاق السياسي كما في وسائل الإعلام التي باتت تستخدم هذا المصطلح، فالكثير من محرري الأخبار بات يستشهد بكثير من عبارات الطلاق مثل طلاق الشمال عن الجنوب أو طلاق بين طرفين مثل الحكومة والمعارضة أو بين طرفي الحكم، كما واكب هذا المصطلح التقنيات الحديثة في عالم التقنية والانترنت فنجد أن الكثير من المهووسين بالمواقع الاجتماعية ومواقع الدردشة يطلقها بعد أن يمل من تصفحها ليهجرها إلى أخرى، فمثلا هنالك من يطلق "الفيس بوك" ليذهب إلى حضن موقع آخر ليطلقه إلى غيره، وهكذا يكون الطلاق السيبيري أو كما يطلقون عليه طلاق أون لاين واقعا لا محالة، وهذا يذكرني بقصة أخرى وهي أن الطلاق بين بني البشر صار عن طريق الإيميل بأن يرسل المطلق إلى مطلقته بريدا الكترونيا يعلمها فيه بنيته تطليقها، أو كما استسهل البعض منهم إرسال رسالة نصية قصيرة تحوي صيغة الطلاق، أبعده الله عنا وعنكم.
تعليقات