في عز أيام الحملة التي شنها العالم أجمع على مرض إنفلونزا H1N1، شاهدت كاريكاتيرا نشر في أحد المواقع الالكترونية. قصة هذا الكاريكاتير تحكي هروب العالم ـ بفتح العين ـ على شكل إنسان من وجه خنزير يحاول أن يلحق به، فيستعين هذا الإنسان بأقرب بنك ليقترض منه لشراء عقار مضاد للخنزير الذي يطارده.
اليوم، لا أزال أتذكر الحملة التي شنتها العالم أجمع للتوعية والتطعيم بهذا المرض، وتذكرت الإعلانات المنشورة في وسائل الإعلام والمحلات التجارية والشوارع التي تحذر كل شخص من عدم مصافحة جاره أو قريبه خوفا من نقل العدوى والإصابة بها، ولا زلت أتذكر إبرة التحصين التي أخذتها أسوة بالزعماء والرؤساء والوكلاء اللذين شجعونا على أخذ التحصين لأنهم طبعا يعون الخطر القادم من هذا الفيروس الذي قد يفتك بالبشرية في حال لم يتم القضاء عليه بشراء الطعوم اللازمة لمقاومته.
ما ذكرني بالإبرة والتحصين خبر نشر في الصحف ووكالات الانباء يقول " أن السلطات الصحية الأمريكية ألقت بملايين العبوات من اللقاحات المضادة لأنفلونزا الخنازير في صناديق القمامة، حيث إن ما تم استخدامه من اللقاحات بلغ نسبة قليلة بالقياس إلى ما تم تصنيعه من اللقاح، كما أن مدة صلاحية الجرعات الموجودة قاربت على الانتهاء"، وأجزم أن ما ينطبق على الولايات المتحدة ينطبق على كل العالم وينطبق علينا أيضا هنا في السلطنة، حيث أشارت تصريحات لوزارة الصحة إلى أن الوزارة تعاقدت على شراء أكثر من مليوني جرعة تصل على دفعات، وأجزم أيضا أن من أخذ هذه الجرعات والتحصين لا يعادل عشرة في المائة من الكميات المستوردة، والباقي مصيره إما سلة القمامة أو مخازن التبريد.
ما قصدته هو أن فئة قليلة من الشركات قامت بإقناع العالم بأجمعه بضرورة شراء الدواء أو العقار المضاد لهذا الفيروس الذي قد لا يقل في درجة خطورته عن أي فيروس آخر من إخوانه اللذين سبقوه في الفتك بالبشرية مثل إنفلونزا الطيور والدجاج والموسمية وغيرها من المسميات، وقامت تلك الشركات بإنتاج وتسويق عقارها الجديد بسرعة رهيبة حيث تلقف العالم ما أنتجته كل تلك الشركات مجتمعة بل وتسابق الجميع على حجز كميات إضافية قبل أن يسبقه غيره.
يبدو أننا معرضون دائما للأوهام، سواء أكانت هذه الأوهام على الصعيد الاقتصادي والمالي كما حدث مع محافظ الوهم وغيرها من المشاريع أو أوهام تتعلق بصحتنا التي نحرص عليها أكثر من حرصنا على أي شيء آخر في العالم، ويبقى أن الوهم قد ينطبق على أي شخص في الدنيا ما دام مقتنعا بصحة ما يفعله.
تعليقات