التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عيد الحب


يذكرني ملصق إعلاني زرع في قلب العاصمة مسقط ويحاصرني كل يوم عند توجهي إلى مقر عملي بالذكرى السنوية التي تصادف هذا اليوم الاحد، انه عيد الحب أوعيد العشاق كما يحلو للبعض تسميته.
الملصق الاعلاني يدعو كل حبيب الى شراء كعكة عيد الحب واهدائها الى من أحب، ويتنافس هذا الاعلان مع إعلانات أخرى مثيلة له تدعو أيضا الى شراء هدية العيد من وردة حمراء أو دب أبيض أو قلب دافىء باغته سهم الحب القاتل.
قبل أعوام قليلة، لم نكن لنرى مثل هذا النوع من الاعلانات على واجهات المحلات ولا في الشوارع العامة ولا الميادين، حيث كان مجتمعنا وأقصد به مجتمع من لحق بقطار الثلاثين لا يحتفل أو لا يسمع بعيد أسمه عيد الحب، فقد كانت أعياد الله عيدين فقط هما الفطر والاضحى اللذان سنهما الله على المسلمين، وان كنا جوازا نسمع بأعياد شتى في المدرسة كعيد الشجرة وعيد المعلم وعيد الام وغيرها من الاعياد التي لم تكن سوى أيام أراد لها أصحابها أن تخلد لهم ذكرى يتوقف الناس عندها كل عام ليتذكروا.
ومع انتشار موضة هذا العيد في عالمنا العربي والاسلامي من خلال الغزو الفضائي والانترنتي والثقافي لمجتمعاتنا المحافظة، انتشر الكثير من اللغط حول ذلك، فبعض المجتمعات حرمت الاحتفال بهذا العيد بأي شكل من الاشكال وبعضها الاخر صمت ولم يقل شيئا والبعض الاخر تطرف في ذلك فأصدر أحكاما تجرم وتعاقب كل من يحتفل بالحب وعيده أو يتداول أيا من هداياه وزينته بحجة أنه غزو قادم الينا من الخارج ويجب علينا مقاومته والتنبه له قبل أن يستفحل في شريان مجتمعنا العربي الاسلامي المحافظ الذي يرى أن الحب موجود في دواخلنا ولسنا بحاجة الى عيد لنبذر أموالنا ونسرف في شراء مستلزمات قادمة الينا من عالم ربما كان يفتقد الى هذا الحب فخصص عيدا له.
قرأت مؤخرا استفتاء أو استطلاع ربما يريح من حرم الاحتفال بهذا العيد ويعتقد بانتصار فتواه التي أطلقها في حرمة الاحتفال بهذا اليوم، هذا الاستفتاء أشار الى أن خمس عدد البالغين في أوربا والعالم الغربي يفضلون قضاء هذا اليوم مع حيواناتهم الاليفة بدلا من محبوباتهم أو محبوبيهم من البشر، ربما توفيرا للمال الذي تعصف به الازمة المالية العالمية التي لم تفتر عاصفتها بعد أو ربما لان الحيوانات صارت تقدر الحب أكثر من البشر.
بهذا المفهوم الجديد للحب ربما يخترع لنا الغرب عيدا جديدا هو عيد حب الحيوانات يتم الاحتفال به كل عام، وقد لا نكون نحن بحاجة الى هذا النوع من أعياد الحب لاننا في كل يوم نعيش هذا الحب مع الحيوانات بسلام وأمان واطمئنان مثلما نعيش مع البشر من بني جنسنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...