التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فوائد الشاي


منذ الميلاد وحتى الوفاة الكل منا يشرب الشاي، لا سيما شاي الصباح قبل الذهاب الى العمل، أو قد يؤجله البعض الى وقت العمل للتلذذ والاستمتاع به مع كل رشفه يرتشفها وهو جالس خلف مكتبه عندما يبدأ في اصدار الامر اليومي الى الفراش " واحد شاي حليب لو سمحت".
لذة الشاي لا يستحليها الكثير من الموظفين الا في العمل، يبدأ صباحه الباكر بحمل كوبه الخاص لعمل الشاي ويبدأ بعدها مجلس النميمة، يتجمعون في مكان خاص بهم ليبدأ كل واحد منهم في سلخ وسلق وشتم من يراه بانه عقبه في سبيل ترقيه للوظيفه، وطبعا يكون رئيسه في العمل على رأس المسلوخين ليشاطره آخر رأيه الصريح والجرىء في مسؤوله وفي كل المسؤولين في محيط العمل.
لا أقول هذا الكلام تحاملا على من يبدأ عمله بكوب شاي ساخن يعدل به مزاجه المتعكر من زحمة السير أو من الدخول اليومي لنفس مكان العمل بدون جديد يذكر، لكن ما أردت قوله بان دراسة حديثة شجعت الموظفين على تناول الشاي في ساعات العمل وأيضا شجعت الموظف على تقديم فنجان الشاي الصباحي لرئيسه في العمل بابتسامة حتى وان كانت صفراء لان ذلك قد يفيد الموظف في الحصول على ترقية أو زيادة في الراتب أو المساعدة على الحصول على علاوات ومكافأت استثنائية.
في استفتاء أجرته شركة بريطانية تبين أن أكثر من 53% من الموظفين ولا أتكلم هنا عن الموظفين العرب من أمثالنا ولكن من شملهم الاستفتاء من البريطانيين اللذين يقدسون العمل ويحترمونه أكثر من احترامهم لاي شىء آخر. جاءت اجابات اولئك الموظفين بانهم يحرصون يوميا على تقديم مشروبات ساخنة وعلى رأسها الشاي طبعا الى رؤسائهم في العمل لضمان استقرارهم في أعمالهم والحصول على وضع جيد وزيادة مالية نهاية العام.
لو أردنا أن نطبق هذه النصحية البريطانية في بلادنا لاتهمنا بالعمالة والموالاة للمدير من قبل زملاء النميمة ولتكالب علينا الجميع باننا صرنا " فراشين" ومتملقين للمدير الذي لن يؤثر كوب الشاي الصباحي أو القهوة التي يشربها في قراره بزيادة الراتب أو العلاوة الاستثنائية لانه لو كان هذا الامر يجدي ويثمر لكان الفراش الذي يفني عمره بأكمله هو أول من يجني خيرات المدير.
أيا كان ما يقال، لكن يبقى لشاي الصباح في العمل فوائده الكثيرة الصحية منها والمادية وتبقى هذه المنافع مرهونة بتوفير رب العمل للتموين اليومي للشاي والسكر والسماح بمجالس النميمة بالانعقاد اليومي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...