أبو نـادر .. أنهى آخر يوم عمل له الاربعاء الماضي بعد أكثر من أربعين عاما قضاها في خدمة الحكومة، خلع أبو نادر أيام الحكومة وارتدى أيام جديدة أخرى تبدو في نظر البعض زاهية لكنها في نظره هي غير ذلك.
وجهه كسته التجاعيد وعيناه غائرتان يأطرهما نظارة لا تفارق أذناه أبدا، ملامحمه يبدو عليها حمل أيام وأزمان ثقيلة قضاها في خدمة الكثيرين ممن مروا عليه في حياته، فهو يتذكر كل فرد مر على ذلك المكتب وتلك الوزارة من أكبر مسؤول وحتى أصغرهم ولسان حاله يقول نحن السابقون وانتم اللاحقون.
أختلست بضع نظرات الى وجهه وهو يلقي تحية الوداع على المدير العام وتمنيت أن أصل الى ذلك اليوم الذي وصل فيه أبو نادر الى سن التقاعد
لان لا أحد يضمن أن يعيش الى سن الستين الذي صار سنا بعيدا عنا معشر الشباب بسبب كثرة الامراض المنتشرة والفيروسات التي تفتك بنا كل يوم وحوادث السير وسوء التغذيه وغيرها من المصائب الكثيرة التي نسمع عنها كل يوم.
آخر كلمات كانت لهذا الرجل وهو بالمناسبة يعتبر من الرعيل الاول الذي التحق بالعمل الحكومي في السبعينيات بعد أن قدم من أرض الغربة ليخدم وطنه وأهله، كانت كلماته متفائلة وايجابية وشاكرة للسنوات التي قضاها خادما لوزارته التي لا يتذكر الا الشىء الجميل منها.
اخذت أتامل كلماته التي جاءت عفوية من قلبه قبل أن تخرج من لسانه
" ما قصرتوا، ما شفنا منكم الا كل خير، دخلنا ها الوزارة وخرجنا منها وما لقينا الا كل معروف وطيب" وبدأ يشكر الجميع ابتداء من الوزير والوكيل والمدير والجميع، وهنا لاحت مني التفاتة الى من كان بجانبي من الزملاء ممن هم في فئة الشباب الذي يقول كلاما يناقض الكلام الذي قاله من يودع آخر أيامه فوددت لو أن كل موظف حكومي قال تلك المقولة لكان وضعنا أفضل بكثير مما وصل اليه حال الكثير من الدوائر والمؤسسات التي يشتكي أفرادها من عدم التقدير وقلة الراتب وكثرة الاعمال وغيرها من الاعذار التي لم يقلها من قبلنا وهم اللذين بنوا هذا الوطن على أكتافهم لبنة لبنة.
يفصلنا عن الستين أكثر من النصف تقريبا، ولكن أرواحنا تعبت وملت وسئمت وصرنا نتمنى أن تأتي الستين ونحن في صحة وعافية وقبلها ونحن أحياء على هذه الارض. اللهم بلغنا الستين كي نبلغ التقاعد، اللهم آمين..
تعليقات