التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تقـاعد الـورق


يبدو أن الورق لم يبلغ بعد السن التي تؤهله للتقاعد وافساح المجال للقادم الجديد من التقنية اللاورقية التي ستحل محله وتأخذ وظيفته.

هذا ما خرجت به توصيات المؤتمر الخليجي الاول للحكومة الالكترونية والذي استضافته مسقط الاسبوع الماضي، موضحة بان المشوار لا يزال طويلا أمام الورق حتى تحل الادوات التقنية الحديثة محله.

خلال العام الماضي الذي نودعه هذه الايام وأخيه الذي سبقه سمعنا عن كثير من الصحف لملمت أوراقها وانسحبت من الساحة الاعلامية تاركة المجال للقادم الجديد من الصحف الالكترونية التي يمكن قراءتها عن طريق المحمول والوسائل الحديثة بدون تلويث اليدين بالورق والحبر، فخلال العام الماضي أعلنت مجموعة التريبيون والتي تمتلك ثمان صحف يومية، من بينها صحف "شيكاغو تريبيون" و"لوس أنجلوس تايمز"، و"بالتيمور صن" و"أورلاندو سنتينل" واسعة الانتشار، بالإضافة إلى ثلاث وعشرين محطة تلفزيونية رئيسية بالولايات المتحدة، وفريق رياضي يلبعب البيسبول هو فريق شيكاجو كابز أعلنت افلاسها بعد عجزها عن الوفاء بمستلزمات خدمة ديونها التي زادت عن ثمانية مليارات دولار.

كما أعلنت صحف ورقية أخرى تسجيلها لخسائر ضخمة بسبب انخفاض مبيعاتها وقلة اعلاناتها التجارية وعزوف جمهور كبير لا سيما من الشباب عن قراءة هذه الصحف ورقيا وتفضيل قراءتها الكترونيا.

ووصل أمر الصحف الورقية الى حد التشاؤوم لا سيما لدى ملاكها من أمثال روبرت مردوخ أمبراطور الاعلام الذي أعلن عن تشاؤمه بان كافة الصحف المطبوعة ستتوقف تماما عن الصدور خلال العقد القادم اذا استمرت الازمة المالية واستمر أمر الصحف الورقية على ما هو عليه.

هذا التشاؤوم والافلاسات لم تثن الكثير من المستثمرين وأصحاب الاعمال والصحفيين عن إصدار مطبوعات ورقية جديدة، حيث قرأنا خلال الاسبوع المنصرم أول عدد من جريدة " الرؤية" التي جاءت لتعزز من ثقافة الورق ويبرهن للجميع أن عصر الورقية لا يزال وسيبقى موجودا شاء المجتمعون في مؤتمر الحكومة الالكترونية أم أبوا.

صدور العدد الاول من الزميلة جريدة " الرؤية" يشكل أضافة جديدة للصحافة العمانية التي ناقشت تاريخها وتطورها وواقعها الحالي ندوة قال عنها من حضرها بانه كان يتمنى لو لم تعقد بسبب غياب من يعنيه أمر الصحافة وعدم ملاصقة من يعنيهم الامر بالتحدث في هذه الندوة.

ما قالته هذه الندوة وما قاله قبلها من المشنغلين على تاريخ الصحافة العمانية بان مهدها الحقيقي يرجع الى المهجر وتحديدا زنجبار التي احتضنت عددا من الصحف العمانية مثل صحيفة «النجاح» التي صدرت في العام 1911 تلتها عشر صحف أخرى صدرت على فترات مختلفة مثل الفلق، الاصلاح ، المرشد، النادي، والامة وغيرها.

صدور الصحافة العمانية بدأ منذ القرن الثامن عشر ولا يزال متواصلا الى يومنا هذا ولن ينقطع حتى لو تقاعد الورق نهائيا عن اداء وظيفته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Ashouily@Hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...