هالني العدد الكبير من القنوات التلفزيونية التي تعرض على المشاهد هدايا ثمينة يفوق تصورها العقل مقابل إرسال رسالة نصية قصيرة لا تتعدى كلفتها الخمسمائة بيسة فقط.
في يوم من الايام كنت مع صديق لي، حكي لي كيف أنه صدق ما سمعه من إحدى المحطات المغرية بالملايين فبدأ بارسال رسالة قصيرة أولى أتبعها بأخرى الى أن وصل عدد رسائله الى ست رسائل، اكتشف بعدها أن سعر الرسالة الواحدة ستمائة بيسة، ليكتشف لاحقا أن رصيده قد بدأ في النفاذ وانه لم يصل الى مبلغ الجائزة الكبرى التي روج وأعلن عنها في تلك القناة.
كثيرون على ما أعتقد هم من أمثال صديقي هذا ممن أرسلوا رسائل قصيرة الى تلكم المحطات، وقليلون هم من حالفهم الحظ بالفوز ولو بربع المبلغ الذي دفعوه ثمنا لتلك الرسائل، لان شركات الاتصال والقنوات الفضائية وحتى الاذاعات هي من فاز بالغنيمة الكبرى.
جميلة هي العبارة التي نسمعها في كل مرة نفتح فيها جهاز التلفزيون أو الراديو " للمشاركة أرسل رسالة نصية على الرقم أو أتصل من أي محمول على الهاتف الموضح لبلدكم"، والاجمل من ذلك سماع المغريات التي يمكنك جنيها من خلال رسالة، شقة فاخرة، سيارة فخمة، رحلة سياحية حول العالم، مليون ريال نقدا، كيلو غرام من الذهب، وتطول المغريات.
الكثير من النصب والاحتيال يمارس من قبل القنوات التلفزيونية والاذاعية على الكثير من الضحايا من المستمعين والمشاهدين عن طريق التلاعب بالمشاعر والاحاسيس وتحقيق الاحلام وامتلاك الملايين وضمان مستقبل مزهر للعائلة. وقد يصل التلاعب في هذا الموضوع في بعض الاحيان الى اظهار اسماء وهمية هي من حالفها الحظ بالفوز بالجوائز تغري البقية الباقية من الجمهور بالمشاركة.
لعبة الرسائل النصية القصيرة على شاشة التلفزيون يتقاسم ثروتها ثلاث جهات رئيسية هم شركات الاتصال وهيئة الاتصالات التي ترخص باستخدام هذه الخدمة والقناة الاعلامية التي تروج لهذه الخدمة وطبعا من يقوم بتمويل كل ذلك هو المستهلك من أمثالي وأمثالكم.
لو أردنا الحديث قليلا بلغة الارقام عن المكاسب التي يحققها الاطراف الثلاثة من جيوبنا لوجدنا أن دراسة أجريت في دبي أشارت الى أن عدد الرسائل النصية القصيرة التي ترد الى المحطات التلفزيونية الفضائية فقط تصل الى 150 ألف رسالة يوميا ومتوسط ما تتلقاه تلك المحطات من مكالمات هاتفية يصل الى 33 ألف مكالمة في الساعة الواحدة، ويمكن تخيل المبلغ الذي تحصده الجهات الثلاث من رسالة واحدة قصيرة يصل سعرها ما بين ستمائة بيسة الى ريال واحد.
الخطر الاكبر من هذه رسائل المسابقات هذه الى انه لم يقتصر على الكبار وحدهم فقط بل تعداه الى الصغار والاطفال حيث نجد أن هنالك عدد من المحطات التلفزيونية تغري الاطفال والامهات والاباء بأرسال رسائل للكسب السريع عند ارسالهم لكلمة " طفل"، وقد يعد هذا الامر منافيا للكثير من القيم سواء التجارية منها أو العامة، ولكن عندما تغيب الرقابة عن تلك المؤسسات فان الفوضى تعم المكان كله.
ما أردت إيضاحه في مقالي هذا هو ضرورة وضع ضوابط خاصة لمثل هذه النوعية من برامج المسابقات، وأن لا يترك الحبل على الغارب لشركات الاتصال والقنوات الاعلامية للتلاعب على الجمهور، ولا من مراقبة محتوى ما يبث وعمر من يشارك والاهم من ذلك الاشارة الى سعر الدقيقة الواحدة أو الرسالة الواحدة في مثل هذه البرامج حتى لا يقع من أمثال صديقي الكثيرين فريسة لاعلانات مضللة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ashouily@hotmail.com
تعليقات