يوم كنا صغارا نلعب كرة القدم كانت الاثارة تأتينا عندما نسمع بخبر مباراة فريقنا مع فريق القرية المجاورة، كان الحماس يدب في أوصالنا ويتعتبر ذلك اليوم غير عادي فهو يوم الثأر الكروي من القرية المجاورة، ويصبح حديث الناس في ذلك اليوم في قريتنا عن تلك المباراة ولاعبي فريقنا الذي سيسحقون الفريق الخصم بكل قوة واقتدار.
في حال الفوز على الفريق الخصم فان المسيرات والاعلام والهتافات تملاْ الشوارع، وفي حال الهزيمة فان الرؤوس المنكسة والتحسر على الفرص الضائعة ومحسوبية الحكم هي سيد الموقف ذلك اليوم.
كنا لا نشعر بهذين الشعورين لو كان الفريق الخصم آت من مكان غير معلوم لنا في خارطتنا القروية، كنا نستمتع بالمباراة ونشجع فريقنا ولكن ليست بذلك الحماس الكبير، وكنا نتقبل الهزيمة وتمر مرور الكرام باعتبار أننا نتقبلها بصدر رحب وبروح رياضية عالية.
هذا الحال لم يكن ينطبق علينا نحن القاصين عن العالم، بل كل من يسكن على هذه الارض الكروية يشعر بنفس الاحساس والشعور. الجار والقريب منا نغار منه ونعتبره عدوا لنا ولا نقبل هزيمته لنا مهما كانت الظروف، والفوز يتيح لنا فرصة للتشفي والتعالي وتذكير الآخر باننا أعلى وأفضل وأقوى منه.
ما ذكرني بهذا الموقف خبر قرأته منذ أيام عن ترك زوجة مصرية منزل زوجها الجزائري عشية المباراة الفاصلة بين البلدين، فلم تنتظر هذه الزوجة التي تقيم في الجزائر مع زوجها نتيجة المباراة بل تركت منزل الزوجية بكل كرامة رياضية تحسبا لأي مشاجرات ستحصل بينهما في حال فوز فريق أيا من الزوجين.
لا أدري ماذا كانت هذه الزوجة ستفعل لو جلست بجانب زوجها تشجع منتخب بلادها الذي لم يوفقه الحظ في الفوز على غريمه الجزائري، لا أدري ماذا سيكون رد الفعل في ذلك الوقت، ولكنني أخمن من أنه لن يكون أقل مما سمعناه وشاهدناه عقب المباراة من عنف مارسه الفريقان ضد بعضهما البعض ومن إقدام بعض الجماهير المصرية الغاضبة على التوجه صوب السفارة الجزائرية في القاهرة واستدعاء مصر للسفير الجزائري.
دائما هذا هو حال كرة القدم بين الاشقاء، سبب في قطع روابط الصداقة وتشنج وكره وبغضاء وحقد، ولم نسمع في يوم أن كرة القدم كانت سفير سلام ووئام بين الدول لا سيما الشقيقة منها، ولكن نتمنى أن يعم السلام الكروي على ربوع كرتنا الارضية.
تعليقات