قبل عامين كان الكثير من الشباب والفتيات يعتبر نجوم السينما الامريكية هم قدوته ومثله الاعلى ويتشبه بهم في كل شىء ابتداء من صرعات الملابس والبنطلونات وتسريحات الشعر وغيرها من التقليعات، واليوم تغير الوضع فأصبح الممثل التركي هو النجم وهو القدوة وصار الكثير من الشباب العربي يتعتبر مهند ونور هما قدوته ومثله الاعلى ويتمنى أن يكون مثلهما.
النظريات السابقة في الغزو الثقافي كانت تعتبر السينما الهولودية هي أكبر غاز ثقافي للعرب قادم من الغرب وان التدفق الاعلامي هو تدفق صاعد من الاعلى الى الاسفل أي من الغرب الى الشرق بدون أن يكون للشرق أي تأثير على الغرب، ولا أدري ان كانت هذه النظريات التي سنها القائمون على الاتصال من العرب أنفسهم لا تزال الى يومنا هذا قائمة مع وجود غزو ثقافي من جيراننا الاتراك وأيضا هنالك تدفق اعلامي قادم الينا من بلاد الترك فلا تكاد المسلسلات التركية المدبلجة بلهجة عربية شامية تنقطع عن الشاشات العربية ويتنافس الكثير منها في استقطاب المشاهد العربي الذي يقضي أكثر من مائتي يوم وهو يتابع حلقات مسلسل تركي يستمتع المشاهد فيه بحسن وجمال وفتنة الاتراك.
تأثير الثقافة التركية في العرب قديم فمنذ أزمان طويلة كان الاتراك يغزون عددا من البلاد العربية وأثر ذلك في الكثير من العادات العربية حيث تزوج العرب بالاتراك فنقلوا منهم فنون الطبخ والاكل وبعض العادات حتى اللغة أثر وتأثر بها العرب والاتراك على حد السواء، لذا فان العلاقة بين العرب والاتراك ليست وليدة محض صدفة انبثقت من المسلسلات والدراما التركية المصدرة الى العرب الا ان تأثير الاخيرة بات أقوى من تأثير الاولى حيث صار الكثير من المشاهدين العرب من الجنسين يعشق كل ما هو قادم من أنقرة واسنطبول بل وأصبح يقطع المسافات الطوال ليصل الى التي كانت عاصمة الخلافة الاسلامية كي يحضى بزيارة الى قصر نور ومهند أو يقيم يستمتع بقضاء يوم في بحر مرمرة أو القيام بنزهة في مضيق البسفور التركي.
قد تكون الدراما التركية هي امتداد ومكمل للدور التركي السياسي والاقتصادي الذي تعلبه أنقرة حاليا حيث تلعب تركيا حاليا دور الوسيط السياسي بين العرب واسرائيل من جهة ودور الوسيط بين الغرب والعالم الاسلامي من جهة أخرى بحكم موقعها الوسطي بين العالمين، كما تخدم الدراما التركية التوجهات التي تقوم بها حكومة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي في تصدير الكثير من فرص الاستثمار التركية الى الاراضي العربية وكل ذلك يصب في خانة التأثير التركي في الثقافة العربية.
قد نكون بحاجة الى المزيد من التفكير قبل اغراق المشاهد في بحر المسلسلات التركية حتى لا يقع في سنوات الضياع ووادي الذئاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليقات