التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ثقافة التطوع


شهر رمضان تكثر فيه الطاعات ويتسابق الناس فيه على اغتنام الفرص وأداء الصدقات والزكاة، وتكثر خلال هذا الشهر حملات التبرع التي يقوم بها أهل الخير كإفطار الصائم وتوزيع بعض الاحتياجات على الأسر ذوات الدخول المحدودة والمساهمة في رسم البسمة على الصغار والكبار خلال هذا الشهر وخلال العيد السعيد.

وخلال الأسبوع الفائت انطلق حملة خيرية ضخمة لجمع التبرعات للمحتاجين من فئات المجتمع يقودها بنك مسقط بالتعاون مع عمان موبايل تهدف إلى جمع التبرعات من أصحاب الخير أطلق عليها من أجل عيد سعيد، في حين تنطلق هذا الأسبوع حملة أخرى هي قافلة النورس الخيرية الخامسة والتي تجوب مناطق السلطنة المختلفة هدفها رسم البسمة على شفاه الأطفال وغيرهم من المحتاجين ويقود هاتين الحملتين الحملة التي تقوم بها الهيئة العمانية للأعمال الخيرية في جمع التبرعات لبرنامج إفطار صائم.

فكرة حملات التبرع لصالح المحتاجين في المجتمع فكرة نبيلة في جوهرها وتحث عليها جميع الديانات السماوية وترسخ لمبدأ التكافل والتعاضد بين فئات المجتمع المختلفة وتجعل الغني يحس بحاجة الفقير إلى المال والفقير يحس بكرم الغني وتفضله بالمال على المحتاجين.

ثقافة التبرع أو العطاء أو التطوع هي ثقافة جميلة وراقية تساهم في تكافل وتكامل المجتمع وهي من صميم عاداتنا العمانية التي جبلنا عليها حيث كان الغني يعطي جزءا مما يملك للفقير الذي لا يملك، إلا أن هذه الثقافة أصابها شيء من الجمود لا سيما مع تقدم المجتمع فبات التطوع والتبرع بمثابة عمل ثانوي يقوم به الناس ولا يعتبرونه فرضا عليهم حيث بات هذا الشهر الفضيل هو الفرصة الوحيدة للتبرع والعطاء وقد يكون هذا التبرع في كثير من الأحيان هو لأغراض تجارية تنافسية ليس الهدف منها هو التقرب إلى الله عز وجل.

نحن بحاجة إلى غرس مفهوم التطوع والعطاء بكافة أشكاله ومظاهره لدى فئات المجتمع ابتداء من الصغير فالكبير الرجل والمرأة الكل سيان في هذا العمل وعلى جهات الاختصاص لعب دور كبير في هذا الجانب وتشجيع الناس على الانخراط في هذا العمل لما يعود ذلك بالفائدة على المجتمع بأسره.

Ashouily@Hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...