لا فرق بين إسلامي وإسلام أبي فكلانا مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول، ونحن متفقان أيضا على أركان الاسلام الخمسة وأركان الايمان ونؤدي الصلوات في أوقاتها في جماعة وندفع الزكوات والصدقات ونصوم رمضان ونحج الى بيت الله الحرام ونقرأ ذات الكتاب ونؤدي الكثير من الطاعات والاعمال التي تقربنا الى الله زلفى.
الاختلاف بين إسلامي وإسلام أبي يبرز في ما يعتقده ويمارسه كلا منا في حياته اليومية، فلم يكن يعنى أبي التدخل فيما يعتقده جاره ويؤمن به من دين أو ملة ونحلة، ولم يكن أبي مهتما بكيفية صلاة جاره والطريقة التي يؤدي بها فروضه اليومية لايمانه بأن هذه العلاقة هي علاقة خاصة بين الانسان وربه، ولم يكن اسلامه يبيح له تكفير الاخر لمجرد الاختلاف معه في بعض الفروع وحتى في الاصول وبالطبع لم يكن اسلامه ليبيح له باسم الدين أن ينحر أو يقتل أو يسلب بريئا لمجرد أنه لا يستطيع التعايش معه لانه يرى أن اختلافا وخلافا كبيرا سوف ينشأ بين الاثنين إن هما عاشا بسلام مع بعضهما البعض.
إسلامي أنا اليوم يسمح لي أن أختلف حتى مع أخي وأن أحاربه واحاكمه وافرض عليه جزية وحتى أن أقتله ان وصل الامر الى اختلاف لا تلاق معه، وكل ما أقوم به من ممارسات ضد أخي هي مشروعة ومحللة في إسلامي بنص الحديث وسنة الرسول. فإن أردت أن أقتله فإن أحاديث السيرة النبوية الواردة في كتب الحديث وكتب التراث تبيح لي قتل المخالف لي في التفكير والعقيدة، وإن أردت حرقه وكيه فكذلك هي نفس الكتب والمراجع تبيح لي أن أحرق من اختلف معي حيا وعلى مشهد من العالم أجمع، وأن أردت أن أجلده أو على الطرف الآخر أن أصفح وأعفو عنه فهي ذات الكتب وذات التراث ما يبيح لي ويمنحني حق العفو والمغفرة وحق استخدام الغلظة والشدة مع من يخالفني.
إسلام أبي لم يكن لينبش ويحفر في مذاهب خلق الله ويصنفها ويبوبها بحسب قربها أو بعدها من مذهبه وعقيدته، ولم يكن ليشغل باله أو لعينيه كثيرا إن كان من يصلي بجانبه هو من نفس مذهبه أم يختلف عنه، رافعا يده أو ضامها، مطلقا سبابته أم خافضها، يجهر بقول آمين أو يسر بها أو لا يؤمن بها في الصلاة، لم يكن أبي يعرف ما معنى التشيع أو التحزب أو التمذهب، كل ما كان يعرفه هو أن من يأتي للصلاة في المسجد فهو مسلم أيا كانت شريعته وعقيدته ومذهبه وملته.
إسلامي أنا اليوم يحفر في أصول خلق الله ومذاهبهم ومللهم ونحلهم وفرقهم وطوائفهم ويختار منها ما وافق هواه ويترك ما خالفه، اسلامي أنا اليوم انقسم الى بضع وسبعون شعبة كلها هالكة في النار الا أنا الوحيد الذي سيدخل جنات عدن مع النبيين والصديقين فأنا وما أعتقده من مذهب هو الناج وغيري الهالك.
إسلام أبي كان إسلام سلام يدعو الى صلة الجار والاحسان الى الفقير والمحتاج وعدم قطع القربى وزيارتهم والتعامل برفق مع الانسان والحيوان والنبات وكل ما خلق الله على هذه الارض، والصفح عن الزلات والخطايا وعدم الحكم على الناس بسوء الظن والتبين والتبصر قبل الفعل، أما إسلامي أنا اليوم فهو استسلام للآخر وقطع الصلة مع القربى والجيران والتعامل بغلظة وشدة وقسوة مع كل ما خلق الله من انسان وحيوان ونبات حتى الجماد ذاته لم يسلم من غلظة وقسوة نابعة من اسلامي الذي لم يعد يمت لي بصلة سوى أنني مسلم بالاسم لكن فعلي لا يدل الا على قلب قاس متحجر لا يعرف من معان الاسلام وقيمها الا القليل جدا.
هل فهمتم الان الفرق بين إسلامي وإسلام أبي الذي ننعته بأنه إسلام جهل وعدم معرفة بأصول الدين وأسسه ومبادئه، فخير لي أن أعيش كما عاش أبي في جهله بكثير من أمور الدين على أن أعيش أنا اليوم بعلم يبيح لي أن اختلف وأحارب وأبيد خلق الله إن هم خالفوني في الدين.
تعليقات