يعتقد بأن مركزه المالي والإداري والقبلي يمكن أن يحقق له كل شيء، لا يتورع عن الاقدام على الكثير من المحظورات طالما أن غايته تبرر وسيلته. هو الأمير والآخرون هم الرعية، ما لم يستطع تحقيقه بماله فبنفوذه أو بسلطته أو بعشيرته أو بأي قوة أخرى ما دام هو راغب في تحقيق ما حلم به أو أراده ذات يوم.
انه الشخص المكيافيلي الذي أخبرنا عنه الايطالي نيكولو ميكيافيلي في كتابه “الامير” الذي كتبه في بدايات القرن السادس عشر واضعا فيه خلاصة تجربته وحكمته التي قدمها للأمير لورنزو كنصائح تعينه على حكم شعبه.
لا يختلف الشخص المكيافيلي عما وضع تصوره صاحب هذه النظرية عن الشخص الذي يعيش بيننا هذه الايام، فطباع البشر لا تتغير ولا تتبدل، هي مجبولة على حب الخير والشر، على الطيبة والقسوة، على الكبر والتواضع، فهو – أي الشخص المكيافيلي- تتجمع فيه كثير من طباع الاستبداد والغرور والثقة المفرطة بالنفس ووهم بعلو الشأن وبلوغ المراتب العليا وتسيده على باقي أقرانه.
هو دائما يتدثر برداء التقوى والتواضع وحب الناس وهو مشغول الفكر والبال بما يحقق له غايته التي سهر من أجلها، لا يعترف بعمل الآخرين طالما كان هو موجودا. هو من يرسم ويخطط وعلى الآخر فقط تنفيذ ما سهر هو على تخطيطه. هو شخص قالوا عنه بأنه يمكن أن يبيد من حوله طالما أن غايته الوصول الى ما يصبو اليه فايا كانت الوسيلة فالغاية تبررها.
أصبح مصطلح الميكافيلي يطلق على كثير من الممارسات الحياتية في زماننا المعاصر فيمكن أن تسمع بكلمة النظرة الميكافيلية أو السياسة الميكافيلية أو الشخصية الميكافيلية أو النزعة الميكافيلية وكذلك المرض الميكافيلي، طالما كانت غاية تلك النظرة أو السياسة أو الشخصية تنزع إلى امتلاك والسيطرة على ما عند الأخر باستخدام كافة الأساليب الأخلاقية منها وغير الأخلاقية دونما مراعاة لقوانين أو قواعد أو قيم يستمدها الميكافيلي من مجتمعه الذي يعيش فيه.
ذكرتني إحدى العبارات التي أوردها ميكافيلي في كتابه والتي عبًر فيها عن شعور الشخص الميكافيلي تجاه وطنه حيث قال “حبي لنفسي دون حبي لبلادي”، حيث أرجعتني هذه العبارة إلى تذكر شخص كان يتغرد بمعاني الوطنية والقومية وحب بلاده ويعيب على الآخرين ما يقومون به من أعمال يخونون فيها أمانة أوطانهم، وبمجرد أن واتته الفرصة ووصل إلى كرسي أحد المجالس الاستشارية، بدأ في التخطيط والدراسة كي يستفيد من منصبه الذي عرفهً ببعض ذوي النفوذ فبدأ بطلب أرض ذات استخدامات متعددة في مكان مرموق في البلاد كي يصلح بها شأنه وتمادى بعد ذلك في طلباته الشخصية التي هيمنت وغلبت على طلبات من أوصلوه إلى كرسي ذلك المجلس وكأن لسان حاله يقول كما قال من قبله أنا أولا ومن ثم أنتم.
كثير من الناس في زماننا يتغنون بكلمات كبرى في حب الوطن وفدائه والسهر على راحته وراحة من يعيش على ترابه، وما أن تلوح فرصة للاستفادة من خيرات ذلك الوطن حتى تجدهم يهبون واقفين مسرعين ومشمرين عن سواعدهم كي يكونوا أول المستفيدين من تلك الفرصة قبل غيرهم وكأـن الكلمات التي كانوا يرددونها صارت جوفاء لا معنى لها عندما ترتبط بمصالحهم. هؤلا هم من كان يعنيهم ميكافيلي في كتابه وأطلق عليهم فيما بعد بالميكافلين.
عبدالله الشعيلي
جريدة عمان
http://main.omandaily.om/?p=89294
تعليقات