بحكم سكني بالقرب من مدرسة ابتدائية فإنني أستمع الى طابور الصباح كل يوم كاملا حتى إنني حفظت الموسيقى التي تعزف والأناشيد التي تردد والاذاعةالمدرسية، وفي نهاية الطابور أستمع الى استاذ الرياضية آمرا الطلاب بالانصراف.. مدرسة صفا .. مدرسة اااانتباه.
خلال الاسبوع الماضي وبدايات هذا الاسبوع، خفت هذا الطابور قليلا، فلم يعد صوت ذلك الاستاذ مجلجلا كما كان في الاسبوع الذي سبقه بحجة أن مدرس الرياضة كغيره من مدرسي تلك المدرسة يرفضون العودة الى صفوفهم حتى يتم تنفيذ بعضا من مطالبهم التي اهترئت في خزائن المسؤولين والمعنيين في الوزارة.
في حال التربية ومدرسيها انقسم الناس الى فرق وملل، منهم من أخذ بقول المدرس وقال في ذلك كلاما أكثر مما قاله مالك في الخمر، ومنهم من عارضه وطالب بإرجاع الطالب الى صفه وتحمل المدرس لأمانته ، ومنهم من وقف على الحياد ومنهم من آثر الصمت على الكلام لان في مثل هذه الامور السكوت كما يقال أبلغ من الكلام. وفي كل الحالات فلا المتكلمين ولا الصامتين ولا المحايدين استطاعوا إثناء المدرس عما عزم عليه من أمر، فاستمر في رفضه العودة إلى فصله وكتبه ودروسه وقلمه ودفتره وطلبته حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا كما قال أحدهم.
كلنا قرأ المطالب التي تقدم بها أكثر من خمسين ألفا من المدرسين في مناطق السلطنة المختلفة اجتمعوا فيها على ضرورة اجراء اصلاحات جذرية وهيكلية في سلم التدريس في السلطنة لما يعود بذلك من فائدة على الاجيال القادمة من أبناء الوطن، لانهم أحسوا من خلال خبرتهم العلمية والعملية في سلك التدريس أن هذا القرن لا يمكن الولوج اليه الا بعلم ينتفع به وشباب صالح مثقف وواع، وهذا الامرهو ما يوافقهم عليه الجميع ابتداء من ولي الامر الذي يتمنى أن يتربى أبنائه التربية الصالحة ويتعلم العلم النافع، ويتشاطر معهم هذا الرأي وهذا التوجه من عني بإدارة تلك الوزارة التي ربما أثرت في بعض من مساراتها البيروقراطية الحكومية التي تنخر في عظم الدولة والمجتمع.
وعلى الرغم من معقولية كثير من مطالب المدرسين، إلا أن طريقهم الذي سلكوه -بعد أن سدت كما يقولون الكثير من السبل والابواب في طريقهم - لا يبدو أنه يسير في الاتجاه الصحيح من حيث كونه أنه لا يتماشى مع ما يدعون اليه هم كمثقفينللاجيال من أنه يدعو الى الرفض السريع لكل ما لا يعجب الفرد سواء أكان ذلك من مؤسسة أو مجتمع، بالاضافة الى أن هنالك طرقا أكثر حضارة ورقي للمطالبة بالمطالب بدلا من حرمان طلاب العلم من فرصة التعليم والتزود بالعلوم.
أخبرني صديق التقيته قبل فترة أنه ندم في يوم ما على ما قام به من رفض لبعض ممارسات تقوم بها المؤسسة التي يعمل بها، لان رفضه ذلك جاء بآخر ولم يكن ذلك الآخر بمستوى الطموح الذي كان المرء يتمناه، لذا فأقول بأن التغيير الذي يطالببه البعض قد لا يكون بذات الطموح الذي ننشده، وهنالك تجارب من آخرين جربوا ذلك فندموا على ما أقدموا عليه وتمنوا أن لا يغير الله عليهم أمرا، ونتمنى أن لا يغير الله علينا نعمته التي أنعمها علينا وأن تعود المدرسة صفاء نقاء كما كانت من قبل.
تعليقات