-->
كثير من
أصحاب المعالي الوزراء أصبحوا محط أنظار كل من أراد أن يقيم مناسبة، - أيا كانت
هذه المناسبة - فلا بد من دعوة الوزير كي تكتمل صورة هذه المناسبة وتتوج بنجاح
باهر يحسب لمن قام بتنظيمها.
من أراد أن
يدشن موقع له على الانترنيت أو حساب على الفيس بوك، قام بدعوة الوزير الفلاني
لرعاية هذا الحفل الباهر الذي تصل تكاليف اقامته أكثر من اقامة الموقع نفسه. ومن
أراد أن يقيم حفل لفريقه الرياضي في ختام نشاطه، قام بدعوة الوزير العلاني ليوزع
الهدايا والتذكارات. ومن أراد أن يدشن سيارة أو جهاز الكتروني، قام بدعوة عدد من
الوزراء لحفل التدشين والعشاء، وكثير من أمثال هذه المناسبات تعرفونها أكثر مني.
بعض هذه
المناسبات يبرر له دعوة وزير لرعايتها، ولكن الجل منها لا تتطلب حتى رعاية موظف
بسيط لها، ولكن العرف والعادة درجت على دعوة أصحاب المعالي الوزراء لهذه الرعاية وأن
صاحب الدعوة وبحكم صلته وعلاقته وقرابته وصداقته بالوزير الفلاني فإنه يدعو ذلك
الوزير لحضور تلك المناسبة من باب أنه لا يصح أن أقيم مناسبة أو أدشن موقعا لا
يكون فيه صديقي الوزير حاضرا.
كما يبدو من
هذه الصورة، فإن الوزير في بلادنا وكثير
من البلاد العربية – ما شاء الله عليه- يستطيع أن يبرمج وقته وجهده ما بين عمله
اليومي في وزارته وبين رعايته أو دعوته ( اليومية) لهذه المناسبات والعزومات والتي
تكون أحيانا في مناطق مختلفة جغرافيا ومكانيا.
ترا لماذا كل
هذا الاهتمام والحرص على ان تكون لكل مناسبة وزير يرعاها؟
من خلال
عملنا الصحفي تعلمنا أنه لا يتم بث أو نشر أو اذاعة أية مناسبة أو ندوة أو فعالية ما
لم تكن تحت رعاية وزير أو من يماثله في المرتبة، أيا كانت هذه المناسبة حتى وان
كانت استقبال معاليه لموظفيه في مكتبه في الوزارة، ومن هذا الباب ولكي يضمن من
ينظم فعالية ما بثها وانتشارها بين الناس، فإنه يقوم بدعوة أحد أصحاب المعالي
اليها. وهنالك أسباب أخرى لهذه الدعوة هي من باب الوجاهة والفخامة أي أن لا يخلو
أي حفل من وجود لقب يرفع من اسمه ويتفاخر منظمه من أنه قام بدعوة معالي فلان أو
سعادة علان.
بعد هذا الكم
من الدعوات اليومية والرعايات المتكررة ماذا سيكون عطاء هذا الوزير الذي يخرج من
بيته في الصباح الباكر ليرعى مناسبة بسيطة يضطر بعدها للعودة الى مكتبه لاكمال
عمله والالتقاء بموظفيه، وهو أي الوزير مطالب بالتخطيط والتنظيم ورسم
الاستراتيجيات والرؤى للمؤسسة التي يديرها. ترا هل سيكون صافي الذهن كما لو أنه لم
يذهب لذلك الكم من المناسبات؟ أم أن هذا النزيف من الرعايات يستنزف جهده وعقله
وفكره ووقته؟ وقد يكون هذا مقابل ذاك.
لدينا في
بلادنا العربية كثير من الممارسات الادارية التي تعد في خانة الاخطاء في العمل
الاداري الحكومي ولا بد من أن الوقت قد حان لمراجعة وتعديل الكثير منها وتغييره
نحو الافضل لان سنة الحياة تقتضي التغيير والتبديل، ولا بد في المقام الاول
الاعتراف بأن مثل هذه الممارسات الادارية تقف عائقا وجدارا صلبا في سبيل التغيير.
جمعتني
مناسبة ما مع أحد صناع القرار في مؤسسة من مؤسساتنا الحكومية فأدهشتني صراحته
المتناهية من اعترافه بأنهم قاموا بعمل استقصاء واستبيان لقياس رضا الجمهور
الداخلي والخارجي عن الخدمات التي تقدمها مؤسسته، وإن نتائج هذا الاستقصاء أشارت
الى وجود نسبة كبيرة من عدم الرضا ( السخط) من تلك الخدمات، وهم الان بصدد مراجعة
بعض التشريعات والقوانين التي تتسبب في هذا السخط.
نعم، نحن
بحاجة الى مواجهة أنفسنا والاعتراف بأخطائنا في حق أنفسنا ومجتمعنا، وقد يكون هذا
الامر بحاجة الى إقامة ندوة إدارية تكون برعاية معالي الوزير.
تعليقات