التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مواعيد لما بعد الموت



كنت أسمع فقط عن تأخر المواعيد في المستشفيات الحكومية وطول أمدها الى أن وقعت بنفسي في هذا الفخ. سأحكي تجربتين لامستاني شخصيا تتعلق بموضوع هذا المقال وسأبدأ بالاولى..


ابن اخي – رحمة الله عليه – ابتلاه الله بمرض في الكلى وتم تشخيص حالته بأنه فشل كلوي بعدما بدأ في التردد على "مستشفى حكومي"، وما بين الزيارة والاخرى يتم تحديد موعد جديد للمراجعة يطول لعدة اشهر الى أن ساءت حالته فاضطر والده الى أن يبحث له عن تشخيص وعلاج له في دولة آسيوية حتى انتقل الى جوار ربه.


هل يا ترى مواعيد المستشفيات الحكومية في بلدنا تحجز لما بعد الموت؟


التجربة الاخرى حدثت لي بعدما اكتشفت اصابتي بحصى في الكلى – وهذا لا يعتبر في حقل الطب بحاجة الى جهد وعلاج كبير- وبعد مراجعتي " لمستشفى حكومي" أتاني الموعد بعد ثلاثة أشهر وتم تأجيله لشهر آخر غيره بعد ذلك. والى اليوم وأنا أنتظر الدور.


اسمحولي أن أوجه سؤالي هنا الى وزارة الصحة.


ألا يوجد لديكم أي علاج لهذه المواعيد المتراكمة؟


أين يكمن الخلل في هذا التراكم؟ هل في نقص الاجهزة؟ أم نقص في الكادر البشري؟ أم نقص في المكان؟ أم أن المسألة أتت هكذا ولا يمكن ايجاد حلول لها؟


هل يمكنني هنا طرح حلول بسيطة اهتدى لها تفكيري البسيط مع أنني لست من المستشارين ولا المخططين ولا الخبراء اللذين ضاقت بهم مكاتب كثير من وزارات الحكومة.


يمكن دراسة العمل بنظام المناوبتين الصباحية والمسائية للاطباء والفنيين العاملين بالمستشفيات فبدلا من السماح لهم بالعمل في مستشفيات ومراكز القطاع الخاص يمكن لوزارة الصحة التقدم بخطة لتعويض هؤلا الاطباء والاخصائيين عن مناوباتهم المسائية،


وبذلك يمكن للطبيب رؤية مرضاه وزيادة عدد المراجعين واجراء العمليات الجراحية في الفترة المسائية بدلا من اقتصارها على الفترة الصباحية. وفي اعتقادي بأن القائمين على أمور الموازنة الدولة لن يعارضوا صرف مزيد من الاموال ان كان ذلك لمصلحة المواطن.


بالاضافة الى هذا لماذا لا يتم الى اليوم اعتماد التأمين الصحي لكل فرد في المجتمع ويترك الخيار بعد ذلك للمواطن ان اراد العلاج في المستشفيات التابعة للدولة أو المستشفيات الخاصة لا سيما وان الكثير من دول العالم قد قامت بتطبيق هذا النوع من التأمين وأثبت فائدته في تقليل المواعيد وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن.


اليوم نحن نقف على ابواب عام جديد نأمل فيه أن يكون عام خير وسلام وصحة على الجميع ونأمل فيه أيضا أن نرى كثير من الخدمات التي تمس المواطن قد تطورت وتغيرت نحو الافضل لا سيما ما يتعلق منها بالتعليم والصحة وأن تبذل وزارة الصحة جهدها لايجاد حلول سريعة لمثل هذه المشاكل وغيرها التي باتت تؤرق المواطن في يومه ولا يخلو منها أي حديث بين شخصين الا ويسوق أحدهما تجربته الشخصية عن حال تدهور حال الصحة ولا تخلووسائل الاعلام في يوم من الايام من شكوى يبثها مواطن الى مسؤول عن المعاملة التي يلقاها في مستشفيات بلاده سواء في العلاج أو الموعد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...