" من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة".
مثل عربي.
أخذ الحديث الذي دار بيني وبين زميل منحى آخر بعد السؤال عن العلوم والأخبار وما الجديد في الحياة وموقع الإعصار أو المنخفض وهل سيصل إلينا كما وصل ما قبله أم سيؤثر الابتعاد عنا ويتركنا تحت لهيب شمس الصيف الحارقة ولهيب الثورات العربية التي بدأت نارها في الاستعار مع دخول الصيف. تطرق هذا الزميل إلى موضوع هل نحن مجتمع محصن من كل ما يحدث ولا نخشى أن يكسره شيء؟ وهل مجتمعنا هو من بناء خرساني صلب أم أنه مجتمع زجاجي يمكن أن يتأثر من أول حجر يلقى عليه؟
أثار في نفسي هذا الاستفهام تساؤل كبير فنحن كأمة لها جذور متأصلة في الأرض التي نحيا عليها وهذه الجذور هي حصننا الحصين من أي حجر يلقى علينا، فلن تؤثر تلك الحجارة الملقاة على شجرتنا الضاربة بعروقها في الأرض العمانية، وستعمل كثير من القيم والأخلاق والعادات التي ورثناها وتربينا عليها كحائط صد ضد أي تخريب يحاول المساس ببيتنا الداخلي.
ولكن هل يا ترى لا زالت حوائط الصد هذه باقية كما هي عليه منذ ـ أيام زمان ـ إلى هذا اليوم لم تتضعضع أو تتغير وتعمل على حماية بيتنا المسلح أم أن تلكم الحوائط بدأت في التصدع مع غياب كثير من قيم وعادات وتقاليد أيام زمان وبدأ البيت المسلح في تغيير هيكله إلى بيت من زجاج لامع براق لكنه سهل الكسر من أول حجر يلقى عليه. وهذه كانت نقطة الخلاف مع هذا الزميل الذي يراهن بأن مجتمعنا ليس مجتمع زجاجي نخشى أن تؤثر فيه حتى كلمة مكتوبة أو منطوقة أو مبثوثة بل هو على العكس مجتمع مسلح بالكثير من القيم والعادات ونسيج هذا المجتمع مثقف واع يعرف ما يسره فيتبعه وما يضره فيبتعد عنه.
أثارتني كلمة القيم وذكرتني بندوة القيم العمانية ودور المواطن في التنمية التي اختتمت جلساتها الأسبوع الفائت وخرج المجتمعون فيها بتوصيات مكتوبة تبقى في سجل الجهة المنظمة لها من دون أن يكون لها أي تأثير على المجتمع ولا على من أقيمت من أجله تلكم الندوة وهم في نظري فئة الشباب. وكم كنت أتمنى أن تخرج هذه الندوة بتوصية بإنشاء هيئة مستقلة لتعزيز القيم واطلاق حملات إعلامية وإعلانية في المجتمع لتعزيز هذه القيم وتحصين المجتمع مما يقدم إليه من خارج الحدود، ولكن يبدو أن القيم وندوتها سوف تبقى على الورق فقط إلى أن نأتي في يوم من الأيام نجد فيه أن مجتمعنا قد صار مجتمعا زجاجيا لا يمكنه أن يصد أي ريح تهب عليه حتى وان كانت هذه الريح مجرد شائعات حالها حال شائعة الإعصار القادم إلينا الشرق.
تعليقات