التخطي إلى المحتوى الرئيسي

من يحكم من .. نحن أم التكنولوجيا


دعيت إلى محاضرة ألقاها أحد المختصين في التقنيات المتطورة في وسائل الإعلام وكانت بعنوان التعريف بالتلفزيون العالي الجودة أو العالي الدقة وهي ترجمة عن الكلمة الانجليزية لكلمة ' 'High Definition TV أو ما يسمى اختصار ب 'HDTV'.

خلال المحاضرة أسهب المحاضر كثيرا في الحديث عن هذا اللهاث التكنولوجي القادم إلينا من الغرب الذي بدأ جزء منه في تطبيق هذه التقنية، والذي حدد العام 2010 موعدا نهائيا للانتقال إلى النظام الجديد وترك الأنظمة العتيقة البالية.

الحديث عن التقنيات الحديثة في عالمنا اليوم أخذ مناح عديدة فمن الحديث عن التلفزيون عالي الدقة إلى الحديث عن أجهزة الكمبيوتر العجيبة وشبكة الانترنيت الأخطبوطية وما تحمله هذه الشبكة من كمية معلومات لا يمكن عدها أو إحصائها، إلى الحديث عن الصديق الدائم الملازم لنا طوال الوقت الهاتف النقال والتقنيات المتسارعة التي تسابق الزمن لدمج كل التقنية في جهاز جيب صغير نحمله أينما ذهبنا، إلى الضيف الذي أصبح ثقيلا ومزعجا في بيت كل منا التلفزيون وفضائاته المفتوحة التي تتحفنا كل يوم بما هو جديد في هذا العالم الغريب عنا، إلى الكثير والكثير من التقنيات التي تحيط بنا ونسمع عنها ونراها والتي أصبحت جوهرا أساسيا في حياتنا اليومية والتي بدونها نشعر بأننا قد فقدنا شيئا عزيزا علينا.

أطرقت مليا، وانأ استمع إلى صوت المحاضر وإسهابه في الحديث عن التقنيات الحديثة المتسارعة في حياتنا، ثم أيقظني سؤال منه هل يا ترى من يحكم من هل نحن نحكم التكنولوجيا أم أن التكنولوجيا هي التي تحكمنا؟ من يؤثر في من هل نحن نؤثر في التكنولوجيا ونطوعها حسب رغباتنا أم أنها هي من تؤثر فينا وتطوعنا حسب رغباتها.

لم أجد إجابة شافية لكل ما قاله المحاضر سوى ملازمة الصمت لأنني لم أكن فعلا على دراية بالإجابة عن السؤال فنحن تحكمنا التكنولوجيا ولا نستطيع مجاراتها فكل يوم تشرق علينا فيه الشمس يهل علينا اختراع جديد أو تطوير لمنتج قديم فلا نستطيع مجاراته لأننا لم نستطع فهم القديم والتعرف على إمكاناته الضخمة التي يحتويها فنظل تائهين، وفي المقابل نحن من يحكم التكنولوجيا لأننا نحن من أخترعها وابتكرها ونستخدمها كل يوم في أمور حياتنا المختلفة.

يبقى السؤال بلا إجابة فلكل منا سببه الخاص في حكمه على الآخر، فاستخدامنا للتقنية هو الفيصل في إمساكنا بزمام الأمور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...