التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الصيف والأنفلونزا


كثير ممن حزموا حقائبهم الممتلئة بالملابس الصيفية أعادوها إلى خزائنها وقرروا عدم مغادرة أماكنهم عملا بقول الرسول عليه السلام " إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا وقع بأرض فلا تدخلوها"، وفضلوا تحمل حرارة الصيف ولهيب الشمس بدلا من حرارة الأنفلونزا التي غزت العالم ورفعت حرارة الصيف إلى أكثر من المعتاد.

بالنسبة إلى البعض الآخر وهم من أمثالي الذين قرروا المخاطرة بحياتهم في مقابل الفرار من هذا الحر الذي بلغت فيه درجة الحرارة إلى ما يقارب نصف درجة الغليان فبدأ بحزم حقائب السفر وتمنية النفس بهواء منعش عليل ورذاذ يهطل من سماء ملبدة بالغيوم وشواطئ بكر تنسى فيها تعب عام كامل من العمل، ولم يعن هذه الفئة كثيرا التحذيرات التي تصدرها الفضائيات العربية وغيرها من تفشي هذا الوباء وحصده للكثير من الأرواح البشرية وتنبئ الكثير من الأطباء والوزراء مثل وزير الصحة البريطاني بارتفاع أرقام أعداد المصابين بهذه الأنفلونزا في بريطانيا وحدها إلى حدود مائة ألف إصابة في هذا الصيف وأيضا تأكيد وزارة الصحة اليابانية بعدم جدوى العقاقير المكتشفة حديثا في القضاء على هذا الوباء.

في الكثير من دول العالم قد لا يضطر الكثير من الناس إلى السفر صيفا لان أجوائهم جميلة ورائعة فيغلبون الخوف من الأوبئة والأمراض على السفر والاستجمام لكن أمثالنا الذين تكويهم حرارة الصيف وتلفح وجوههم يفضلون المغامرة والمخاطرة بحياتهم وتعرضهم لانتقال فيروس إليهم في سبيل البحث عن مكان بارد وجميل.

الكثير من اللغط والكلام دار حول هذا المرض فمن الناس من يقول بأنه فعلا مرض وداء فتاك يصيب الإنسان في غفلة منه ويصبح مصابا به ناقلا له ولغيره ويبررون ذلك بالأعداد الكثيرة التي أصيبت به من بني البشر وسرعة انتقاله من الحيوان إلى الإنسان وهو كغيره من الفيروسات والأمراض التي تصيب العالم أجمع مثل مرض أنفلونزا الطيور ومرض جنون البقر ونفوق الأسماك وغيرها من الأمراض والأوبئة التي نسمع عنها كل يوم وأيضا هو كغيره من الأمراض بحاجة إلى البحث عن علاج له حتى تتخلص البشرية من شرور هذه الأمراض.

القسم الآخر يرى أن ما يثار عن هذا المرض ليس بتلك الضخامة التي تهولها وسائل الإعلام والقائمين على تلك الوسائل بحجة إنهم وجدوا مادة جيدة تمكنهم من متابعتها والتغني فيها كل يوم وان ما يجري على أرض الواقع هو مغاير تماما لما يقال في وسائل الإعلام كما هو الحال في الكثير من الأخبار السياسية والاقتصادية، إضافة إلى أن الكثير من الجهات وعلى رأسها شركات الأدوية والعقاقير وشركات تصنيع الأجهزة الطبية هم المستفيد الأكبر من هذا الوباء ويتمنون استمراره، وحجة هذا الفريق بان هنالك الكثير من الحالات التي أصيبت بهذا المرض لكنها شفيت منه وبالتالي فانه يمكن بطرق علاجية الشفاء من هذا المرض كونه يشبه أي أنفلونزا عادية تصيب الإنسان ضعيف المناعة.

يبقى اللغط والكلام والاختلاف حول هذا المرض كثير جدا ويبقى المعارضون والمؤيدون منقسمون على أنفسهم ولكن يبقى أن حرارة الصيف لا يمكن تحملها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ashouily@Hotmail.com

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رسالة على ورق

      تختزن ذاكرتي بعض الصور القديمة عن مجلة أطفال كنت اشتريها كلما سنحت لي فرصة زيارة مدينة أكبر من قريتي، لم ترسخ في ذاكرتي قصص تلك المجلة ولا رسوماتها، فما رسخ وتسرب الى قاع عقلي هي صور الصغار التي كانت تزين الصفحات الداخلية لتلك المجلة، وكنت أتمنى لو أنه في يوم من الايام كانت صورتي وأنا مبتسم على إحدى تلك الصفحات وأكتب عن هوايتي بأنها " المراسلة"، فأبدأ في رسم صورة الكم الكبير الهائل من الرسائل التي تصلني عبر البريد من أصدقاء افتراضيين من كل العالم ومن كل الجنسيات ومن كل الاجناس يكتبون لي عن أنفسهم واسرتهم وأماكن اقامتهم وهواياتهم وأكتب أنا اليهم عن صور خيالية عما كنت أحلم به من حياة غير حقيقية لم تكن قريتي الصغيرة قادرة على توفيرها لي. أذكر أنني كتبت عن نفسي لاهلي في سن متأخرة بعدما خرجت من الجامعة وأكملت تعليما عاليا في دولة متقدمة في مجال البريد، كنت أرسل صوري التي أتباهي بها الى اسرتي وفي الخلف تعليق طريف على ذلك المشهد، كنت أستمتع بوضع تلك الصور في مظروف والذهاب الى مكتب البريد في الجهة المقابلة لمكان الاقامة، ولم يكن الرد ليأتي برسائل كالتي أرسلها ...

زوايا منفرجة

سأستعير مصطلح الزاوية المنفرجة والتي يعرفها علماء الحساب والرياضيات بأنها الزاوية التي يكون قياسها أكبر من تسعين درجة أي أنها زاوية ليست بالمستقيمة ولا بالمعتدلة فهي قد أعطت لنفسها الحق في التوسع والامتداد مخالفة للقاعدة الرياضية والطبيعية التي تقول أن كل شيىء يجب أن يكون مستقيما لا يحيد عن سنن وقوانين الطبيعة، وبعيدا عن هذه المقدمة الرياضية فإن مقالي هذا يتحدث عن جانب اداري بحت يتعلق برغبة بعض مؤسسات الدولة في التوسع في اختصاصاتها على حساب اختصاصات مؤسسات أخرى لها كياناتها القانونية والتشريعية والمؤسسية، وهو ما يسمى في عرف الاداريين بالتداخل في الاختصاصات بين الجهات المختلفة. لدينا عديد من الامثلة على حصول ذلك التداخل تبدأ من قلب كيانات الدولة ذاتها حيث تتداخل اختصاصات دوائرها وأقسامها المختلفة فتبدأ في التنازع والتخاصم والتشاكي والتباكي على ما كان يوما من الايام من اختصاص أساسي بنص القانون والدستور من صميم عمل قسم أو دائرة ليذهب بجرة قلم الى مكان آخر ربما عن قناعة من صاحب القلم بأن صلاحية ذلك الآخر شارفت على الانتهاء مما كان يشرف عليه وحان الوقت لطباعة تاريخ صلاحية ج...

الأشجار تموت واقفة

تروي لنا الحكايات انه في جزر سليمان الواقعة في جنوب المحيط الهادي أنهم اذا أرادوا اقتطاع شجرة فان القبيلة تجتمع من حولها وتاخذ في لعنها وبعد ايام تموت الشجرة. هكذا وردت هذه العبارة على لسان الممثل الهندي عامر خان في فيلمه " الطفل المميز" أو بالهندية ان أصبت نطقه فهو " تاري زامن بار" Taare Zamen Par . ويتحدث الفيلم عن طفل صغير لديه صعوبات في التعلم ولا يستطيع تمييز الحروف من بعضها وليست لديه المقدرة على الفهم كباقي زملائه وأقرانه مما جلب عليه سوء معاملة من والده أولا ومن معلميه ثانيا، غير أن مدرسا للفنون كان قد اصيب بمثل هذا المرض من قبل شخص حالة هذا الطفل وبدأ في علاجه واقناع الجميع بأنه طفل مبدع مبتكر لا سيما في الرسم. حالة هذا الطفل وغيره من الاطفال تشخص اليوم على أنها نوع من مرض التوحد وتتمثل أعراضها في الانعزالية وعدم التواصل مع الاخرين واضطرابات في النوم والاكل والشرب وغيرها من الاعراض، وقد يصاب المرء بالعجب عندما يقرأ بأن عددا من المخترعين والمفكرين والادباء والفنانين التشكيلييين العالميين كانوا مصابين بهذا المرض من أمثال موتسارت وبيتهوفن ومايكل أنغل...